أَزمـــــة السياسة الجنائية في معالجتها للإجرام البسيط - طارق بلخاوى

 




أَزمـــــة السياسة الجنائية في معالجتها للإجرام البسيط

طارق بلخاوى

باحث في القانون الجنائي والعلوم الجنائية - جامعة الحسن الأول (سطات)

 

The crisis of Criminal Policy in its treatment of petty crime

Tarik BELKHAOUA

 

مقدمة :

شكلت العقوبة السالبة للحرية بصفة عامة المرتكز الرئيسي الذي يقوم عليـه القانون الجنائي، فقد عرفت هذه العقوبة تطورا كبيرا وتحول جذريا نتيجة الطفـرة الفكرية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي عرفتها البشـرية، فقـد تطورت العقوبة خلال المراحل التاريخية من عقوبة بدنية، هـدفها الرئيسـي والأساس هـو الانتقام إلى عقوبة سالبة للحرية تختص السلطة بتوقيعها حماية لمصلحة المجتمـع. لكن مع مرور الوقت أثبت الواقع العملي عدم نجاعتها، إذ أنه وبغض النظر عن الأضرار الاقتصادية التي يتحملها المجتمع نظرا لكون هاته العقوبة تكلف الدولة مالا كثيـرا، فإن هذه الظروف والمؤشرات تجعل السجين يعود إلى السجن بمجرد الخروج منه[1]، ويكون بذلك قد عبر عن انتمائه نهائيا لعالم الإجرام، فلا يخرج من السجن إلا ليعود إليه.

   وقد حرصت السياسة المجابهة للظاهرة الإجرامية سواء في شكل الإجرام البسيط[2] أوالخطير على كفالة فعاليات قوانين التجريم والعقاب كونها دعائم أساسية ذات غَايات كبرى وأَهداف عُظمى، ولا مِراء أن صُدور هذه القوانين من أولى أولوياته صُدوره من وَسط نَبعت منه الجريمة حتى يتماشى معها ويواكبها وتكون ذات فائدة، لأن القواعد القانونية من المفروض أن تحاكي الواقع الذي ستطبق فيه. وتعد مواجهة الجريمة أسْمى الأهداف الذي يَسعى لَه المجتمع الإنساني من خلال اصدار ِترسانة جَزائية رَادعة أكثر تَناسب مع واقع وخصوصيات كل مجتمع والبحث على أنجع الطرق لتنفيذ العقوبات والتدابير الوقائية ومدى فعاليتها في تأهيل واصلاح الجناة والحيلولة دون رجوعهم لآفة الإجرام وما يتمخض عنه من آثار سلبية.

   ومن المعلوم أن ظاهرة الجنوح البسيط الأقل خطورة على أمن المجتمع ونظامه، وما فرض له من عقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة كوسيلة للحد منه. أصبحت تمثل أدق المشكلات الجنائية والعقابية التي تواجه الفقه الجنائي، كما أبانت عن فشلها وقصورها في الحدد من هذا الضرب من الإجرام، وبالموازاة مع ذلك ساهمت في تكريس أزمة انتقل صداها الى السياسة العقابية ما خلق تداعيات أُلمَّت بهذه الأخيرة. والمشرع مدعو إلى إعادة النظر في هذه العقوبات القصيرة المدة، والموازنة بين مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد، كما أن القضاء مدعو إلى تفعيل التناسب بين خطورة الفعل المرتكب والضرر المحدث.

       ومما لا يخفى على كل ذي لُبٍّ حكيم أن الإجرام البسيط وما يتصل به من عقاب قليل المدة يجعل برامج الاصلاح وَاهِية لا تكفي لإصلاح الجانحين واستفادتهم من البرامج التربوية على الوجه المطلوب والهادف، لعلة قِصَر مُدة العقوبة. ومنه لا ينتج عن ذلك إلا انعكاسات سلبية من اكتظاظ للسجون وتأثير على مساحات الإيواء، والنظافة والتغذية ثم الرعاية الصحية للسجناء، فضلا عن ارتفاع النفقات التي تثقل كاهل الدولة من جهة، وأسرة المحكوم عليهم من جهة ثانية. ناهيك عن مِيلاد الظواهر الخطيرة واستشراء السلوكيات الممقوتة المنحرفة من قبيل: الشذوذ الجنسي وترويج المخدرات، الابتزاز، دون نسيان اختلاط ذوي الجنوح البسيط المبتدئين بمجرمين معتادين ما يترتب معه تحول المؤسسة السجنية لبؤرة وأُم ودود وَلود للمجرمين بدلا من مؤسسة اصلاحية تسعى الى التأهيل واصالح الجانحين، وكل ذلك يعزز فُرص الرجوع الى طريق الإجرام واتخاذه مِهنة لمَن لا مِهنة لَه، والمؤسسة السجنية ملجأ لمن لا مسكن له.

     وقد أثار موضوع الجنوح البسيط عددا من التساؤلات التي تطلبت الإجابة عليها دراسة وبحث متعمقتين لإيضاح أبعادها والوصول إلى أغوارها، وتصب هذه التساؤلات أساسا في إشكالية هامة وهي: مدى فعالية السياسة الجنائية المتبعة للحد من ظاهرة الجنوح البسيط؟

 كما نتساءل عن تجليات أزمة الإجرام البسيط بالمغرب وانعكاساته على المؤسسات السجنية و السجين وأقاربه من جهة أخرى؟ وحتى نعالج هذه الإشكالات التي سبق ذكرها آنفا وسبر أغوارها سنعتمد خِطة مُحكمة على النحو الآتي:

المطلب الأول : تداعيات الإجرام البسيط على الوسط السجني

المطلب الثاني: مؤشرات ركود السياسة الجنائية

المطلب الأول : تداعيات الإجرام البسيط على الوسط السجني

عرفت العقوبات السالبة للحرية وخاصة تلك القصيرة المدة- كأداة أساسية للعقاب ارتفاعا متزايدا، وهـو الأمر الذي تكرس سواء على مستوى النص القـانوني[3] وكذلك على مستوى القضاء، هذا رغم المخاطر الكبيرة التي تسفر عنها هاته العقوبة. والناشئة أساسـا عن التنظير غير السليم والتطبيق غير الواعي.  وهكذا سنقسم هذا المطلب لفقرتين، الأولى سنتناول فيها تأثير الاكتظاظ ومظاهر الفساد على أوضاع السجناء، على أساس التطرق في الفقرة الثانية لفشل برنامج الإصلاح والتأهيل بالنظر الى قصر مدة العقوبة.

الفقرة الأولى: تأثير الاكتظاظ ومظاهر الفساد على أوضاع السجناء

إذا كانت المؤسسات السجنية تمثل ذلك المكان المخصص لإيواء مرتكبي الجرائم بغرض تنفيذهم للعقوبات السالبة للحرية، فواقع هذه المؤسسات تعتبر المرآة التي تعكس حقيقة السياسة العقابية[4]. ويعد اكتظاظ المؤسسات السجنية من أبرز العراقيل التي تحول دون برامج إعادة التربية والإدماج، لأن شدة الازدحام تشل عملية التأهيل الاجتماعي، كما أنه لا يمكن أن تعطي ثمارها إلا إذا تمت في إطار حياتي و معيشي مقبول خال من كل مظاهر الفساد[5]. إن واقع الاكتظاظ في السجون المغربية يحول حياة السجناء إلى جحيم، ويكدس السجناء كسلعة و ليس كبشر يجب أن توفر لهم من الكرامة الإنسانية، حيث يعاني السجناء من مختلف الأعمار و الفئات من التكدس أثناء النوم واستعمال حتى الأماكن غير المعدة أصلا للنوم،(الممرات، المراحيض....)[6].

    وقد أشار التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2022، وفي زيارة الآلية الوطنية لكل من السجن المركزي بالقنيطرة والسجن المحلي ببويزكارن والسجن المحلي بالعيون، حيث سجلت الآلية الوطنية استمرار الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، التي تتزايد سنة بعد سنة، وقد بلغ مجموع الساكنة السجنية إلى حدود متم سنة 2022 بكافة المؤسسات السجنية 98.000 سجينة وسجين، %43 [7]منهم من المعتقلين الاحتياطيين في حين أن هذا الرقم لم يكن يتجاوز 39 % سنة 2019[8].

كما قد وصل عدد السجناء بتاريخ 31/12/2023 ما مجموعة 102.653 سجينا علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64.649 سريرا. ومن المتوقع وصول عدد الساكنة السجنية في السنوات القادمة الى 103.784 سجينا خلال سنة 2024 ، 108.517 عن سنة 2025، و133.249 خلال سنة 2026، ثم 117.982 سنة 2027، و122.714 سنة 2028[9].

وعلى العموم بلغت نسبة الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية ببلادنا 146,8% خلال سنة 2020، وعلى المستوى الدولي 106% في إيطاليا خلال سنة 2021، و108,1% في اليونان خلال سنة 2021، و109,5%  في بلجيكا خلال سنة 2020، و112,5% الأرجنتين خلال 2020، و120,5%  في تركيا خلال سنة 2021، و126,4%  في تونس خلال سنة 2021، و128,8% في الكويت خلال سنو 2020، و130,9% في الأورغواي خلال سنة 2021، و132% في الأردن خلال سنة 2020، و143% في فنزويلا خلال سنة 2020، مما يعني أن الاكتظاظ ظاهرة عالمية، مع تسجيل نسب عادية في دول أخرى كما في اليابان 56,6% خلال سنة 2020، وهولندا 73,1% خلال سنة 2020، وإسبانيا 73,1 خلال سنة 2020، وألمانيا 81,6% خلال سنة 2021، والجزائر 89,3% خلال سنة 2019، والشيلي 91,3% خلال سنة 2021، والولايات المتحدة الأمريكية 95,6% خلال سنة 2019، وصربيا 100,7% خلال سنة 2020، وموريتانيا 101,8% خلال سنة 2020[10].

ومن هنا يظهر أن مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية، يضرب بعرض الحائط المبادئ التي تنادي بها المواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان ، مما يجعل من الصعب الحفاظ على كرامة الإنسان في ظل الظروف القاسية التي  يعيش وسطها السجين سواء من حيث تدني الخدمات الصحية(أولا)، وكذا سوء تصنيف النزلاء وانتشار العنف الناتج عن الاكتظاظ (ثانيا)، دون نسيان الجانب المتردي على مستوى التغذية(ثالثا). ثم ترويج المخدرات بين السجناء(رابعا) ناهيك عن الانحراف الجنسي (خامسا).

أولا: تدني الخدمات الصحية

إن اكتظاظ المؤسسات السجنية تؤثر على أوضاع السجناء حيث تنعكس سلبا عليه في جميع مناحي الحياة كانتشار الأمراض وذلك نتيجة للقصور في الخدمات الصحية. فمن بين الاحتياطات الأساسية التي يحتاج إليها السجين أثناء تواجده بالمؤسسة العقابية الجانب الصحي، و هو حق يكفله له القانون مثلما أقر "قانون السجون" عندما أكد على الحق في الرعاية الصحية مد مضمون لجميع فئات المحبوسين[11].

فالضغط لا يساعد على اكتشاف النزلاء المصابين في الوقت المناسب حتى يمكن عزلهم قبل انتشار المرض، فلا شك أن المكان المزدحم يعاني من مشكل تدني مستوى النظافة فضلا على أن نقص الإمكانيات و عدم تلبية حاجة النزلاء من النظافة والاستحمام، يؤدي إلى الإصابة بالأمراض الجلدية وغيرها، و بالتالي يكون من السهل انتقال العدوى وانتشارها داخل السجن بل وقد تنتقل إلى خارجه من خلال العاملين به أو الزائرين[12].

و في ظل تزايد عدد السجناء تعرف الغرف اكتظاظا[13] مهولا له انعكاسات خطيرة على صحة السجين، فالحياة داخل الزنازن تعرف إهمالا، حيث الأفرشة والغطاء والأسرة ليست معممة، بل في الغرفة الواحدة نجد غرفا بلا أفرشة وأخرى يفترش فيها السجناء الأرض، أما الأغطية فهي غالبا مهترئة ومتسخة[14]، هذا إلى جانب وجود المراحيض بداخل الزنازن  والغرف في كثير من الأحيان لا تتوفر المراحيض على أبواب و نفس الشيء بالنسبة لحاويات الأزبال، و هو ما يحول الزنازن والغرف مع كثرة العرق نظرا للاكتظاظ  ولدخان السجائر والمخدرات وكذلك لدخان ما يتم استعماله لتسخين الطعام من فتيلة، أو ورق قرطاس الحليب إلى جحيم لا يطاق[15].

كذلك فهناك أسباب كثيرة تساعد في تدهور الصحة بالسجـــــــــــــون من بينها انعدام الفحص الوقائي حال إيداع السجين والذي قد يساعد في تجنب انتشار الأمــــــراض المعدية، هذا إلى جانب ضعف العناية بالنظافة داخل السجون وعدم توفر الوسائل الخاصة بذلك من (جافيل وسانيكروا والصابون ومبيدات الحشرات...)

إلا بقدر محدود جدا، دون أن ننسى هزالة الميزانية المخصصة للصحة بالسجون، كما أن الوضعية السيئة للمرافق المخصصة للاستحمام وهو ما يضطر معه السجناء للاستحمام بالماء البارد شتاءً والمدة الزمنية للفسحة قليلة جدا و هو ما يجعل السجناء يقضون أكثر من 23/24 ساعة في الزنازن دون التعرض لأشعة الشمس، وما يخلف ذلك من إصابات بأمراض عديدة من بينها الأمراض الجلدية وأمراض العيون وكذا أمراض الروماتيزم...[16] ناهيك عن عدم استخدام بعض التجهيزات الطبية من الأطقُم التمريضية ببعض المؤسسات السجنية وذلك لعدم استفادة الممرضين من تكوين لتشغيل هذه التجهيزات مثل جهاز الصدمات الكهربائية وجهاز الأصوات فوق الصوتية أو التصوير بالصدى وغيرها من المعيقات الأخرى التي تأثر سلبا على صحة السجناء وحياتهم[17].

وتجدر الاشارة أخيرا الى أن مجموع الأطر الطبية والشبه الطبية العاملة بالمؤسسات السجنية خلال سنة 2023 بلغ 864 اطارا، موزعة على 75 مؤسسة سجنية منها 67 سجن محلي و04 سجون فلاحية، وسجنين مركزيين ثم مركزين للإصلاح والتهذيب. وهو عدد لايُلائم البتة عدد الساكنة السجنية  102.653 سجينا. ما يدفعنا لطرح جملة أسئلة تتعلق بالرعاية الصحية بالوسط السجني بين النجاعة والفجاعة؟

ثانيا: سوء تصنيف النزلاء و انتشار العنف

تعتبر عملية تصنيف النزلاء من أهم الأولويات التي يجب احترامها، فقد نصت القاعدة 8 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه:" توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء مختلفة من المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم وعلى ذلك:

§         يفصل المحبوسين احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم؛

§         يفصل المحبوسين لأسباب مدنية، بما في ذلك الديون، عن المسجونين بسبب جريمة جزائية؛

§         يفصل الأحداث عن البالغين".

ونفس المقتضيات نص عليها المشرع المغربي في المواد من 38 الى42 من قانون 10.23 المتعلق بتسيير وتدبير المؤسسات السجنية[18].

   فهذه النصوص تؤكد على ضرورة تصنيف النزلاء، لكن ظاهرة الاكتظاظ تحول دون تطبيق هاته المقتضيات، مما يساهم في اختلاط المدانين و العائدين مع غيرهم من المعتقلين الاحتياطيين والمكرهين بدنيا، فهذا الاختلاط بين هذه الفئات المختلفة واحتكاكها فيما بينها يساهم في تأثر النزلاء بالمجرمين المحترفين و تقليد سلوكهم الإجرامي[19].

    وجذير بالذكر أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قامت بمجهودات في هذا الشأن ووضعت دليلا خاصا بتصنيف السجناء، كما أعدت استمارة بذلك تستند على مجموعة من المعايير، لكن بالرغم من ذلك سجلت الآية الوطنية بقلق شديد إحالة سجناء من ذوي الأحكام القصيرة أو الجنوح البسيط على السجن المركزي الذي يعد مؤسسة لاستقبال المحكوم عليهم بالعقوبات طويلة الأمد، وأحدث هذا الإجراء خللا على مستوى التسيير الإداري وعلى تصنيف وإفرادية المعاملة بالمؤسسات السجنية المركزية، حيث يفترض أن يكون التصنيف لغرض تسيير المعاملة وتوخيا لإعادة الإدماج الاجتماعي، ولذلك تحدث أحياء مختلفة بالسجن الواحد[20].

    كما يعتبر العنف داخل المؤسسة السجنية هي اللغة التي يتكلمها النزلاء فيما بينهم، نظرا لدرجة الاكتظاظ المرتفعة، بحيث لا يمكن لعدة أشخاص تختلف طبائعهم وطرق تفكيرهم أن يتعايشوا داخل زنزانة واحدة دون عنف، هذا بالإضافة إلى الأوضاع المتردية المتعلقة بسوء التغذية وضعف الرعاية الصحية مما يجعل من العنف الأسلوب الناجع للحصول على متطلباتهم من أكل وشرب وكذا لحماية النفس من الاعتداء، وما يعزز هذا الطرح جدول توضيحي صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لعدد حالات الاعتداء خلال سنة 2023، ثم تطور عدد المخالفات المرتكبة من طرف المعتقلين والتي تم إشعار النيابة العامة بها خلال نفس السنة [21].

 

عدد حالات الاعتداء خلال سنة 2023

الاعتداء على النفس

1069

الاعتداء على موظف

89

الاعتداء بين السجناء

6738


 

عدد المخالفات التي تم إشعار النيابة العامة بها خلال سنة 2023

الأخطاء

العدد

اعتداءات وممارسة العنف

7896

أشياء محظورة وأدوات خطيرة

1273

عدم احترام القانون الداخلي وحركة جماعية

1806

ضبط المخدرات

936

السرقة

128

إحداث خسائر

580

التهديد والقذف

825

الإخلال بالحياء

214

إحداث الضوضاء

691

الإخلال بنظافة المؤسسة

12

عرقلة الأنشطة

3

محاولة الفرار

5

التحريض على الأفعال المخلة بالقانون

142

أخطاء أخرى

26

المجموع

14537

    حيث يظهر وبشكل جلي من خلال هذه الجداول أن عدد الاعتداءات بين السجناء وصل برسم سنة 2023 إلى 6738 اعتداء، بينما المخالفات التي تم إشعار النيابة العامة بها خلال سنة 2023 ارتفعت مقارنة بسنة 2022، حيث وصلت في سنة 2023 إلى   14537 مخالفة بينما في سنة 2022 تم تسجيل 14131 مخالفة، في سائر الأحوال  تشكل هاته الأرقام خطرا ينبغي تداركه أو في أقل الأحوال التخفيف منه وتقليصه.

ثالثا: سوء التغذية

    إن الاعتراف بالكرامة الإنسانية للسجين يتطلب تمكينه من حقه في تغذية متوازنة تحافظ على صحته، والمواثيق الدولية تدعو إلى ضرورة تمكينه من هذا الحق بذل كل المجهودات لضمان الحصول على الغذاء في أوعية نظيفة، و في حالة المؤسسات التي لا تتوفر على مطاعم للأكل من المهم تأمين مكان خاص للأكل داخل الغرف بعيدا عن أماكن قضاء الحاجة، وقد جاء في المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: " تقر الدول الأطراف في العهد الحالي بالحق الأساسي لكل فرد في أن يكون متحررا من الجوع ". 

     إلا أن الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية، يجعل من تطبيق هذه المقتضيات أمرا صعبا، هذا بالإضافة إلى أن الميزانية المخصصة للتغذية لا يمكنها أن توفر تغذية متوازنة للنزلاء[22]، فقد صرحت مديرية إدارة السجون أن الميزانية المخصصة للتغذية شكلت ما يقارب 50 في المائة من ميزانية التسيير الخاصة بإدارة السجون و أقرت في نفس الوقت، بأن الوجبات الغذائية يتعذر طهيها على النحو الذي يضمن كامل الجودة بفعل الكميات الضخمة المستعملة في تحضير الوجبات لمئات السجناء، حيث يشتكي السجناء من كونهم لا يتوصلون بحصصهم وفق ما ينص عليه برنامج التغذية المسطر من طرف الإدارة نفسها سواء بدعوى أن الميزانية المحددة في خمسة دراهم و نصف لا تسمح في توفير أوبسبب سوء التدبير و التلاعب الذي يطال هذه الميزانية، أن هناك إجماع من طرف السجناء على رداءة اللحوم و القطاني و الخضر المقدمة في الوجبات ناهيك عن الظروف التي يتم فيها الطهي من اتساخ أرضية المطبخ والحالة السيئة لأدوات الطهي[23]. وعدم العناية اللازمة المراقبة التامة لغرف التبريد التي توضع فيها مواد التغذية وقياس درجة برودتها من الجهات المختصة، وغياب المراقبة المنتظمة والمستمرة لدرجة حرارة غرف التبريد المخصصة للخضر واللحوم، ناهيك عن عدم تقديم وجبات خاصة لبعض الفئات كالنزيلات الحوامل...[24]

     واستنادا إلى كل الاعتبارات  وعلى رأسها ظاهرة الاكتظاظ التي تسببت في سوء التغذية والرعاية الصحية جاءت فكرة تفويض هذا النوع من الخدمات إلى القطاع الخاص، عن طرق صفقة يتم إبرامها وفق دفتر التحملات. وقد سارعت مجموعة من الدول من أجل خصخصة السجون لتفادي المشاكل المطروحة لاسيما مشكل الاكتظاظ وكذا من أجل تحسين الخدمات المقدمة من طرف إدارة السجن للسجناء خصوصا فيما يتعلق بالصحة والتغذية. كما هو الشأن بالنسبة للكويت التي عهدت بالتغذية في إطار عقود لبعض الشركات الخاصة، وهو البرنامج الذي تبناه المغرب في سنة 2006، وانطلقت هذه التجربة في السجنين المركزي والمحلي بمدينة بالقنيطرة[25]. وبالموازاة مع ذلك تم خلال سنة 2023 تجهيز مطابخ ومعدات التوزيع، وغرف التبريد الخاصة بتخزين اللحوم المجمدة. في كل من السجون المحلية: الجديدة 2 والعيون وتامسنا والخميسات وسلا2. كما تم تجهيز المحلات الخاصة بتسخين الوجبات الغذائية بأماكن الإيواء، بالمواقد الكهربائية بالسجون المحلية بتولال وتاونات وتيفلت2 وبوزكارن وخريبكة والراشيدية وبني ملال وطاطا والصويرة، اضافة إلى السجن المركزي بالقنيطرة[26].

    ويمكن القول وبالرغم مما ذكر أن الآلية الوطنية -المجلس الوطني لحقوق الانسان- توصي بالعمل على مراقبة الشركات المكلفة بالتغذية، حيث تكون هناك ضمانة بتقديم غذاء متوازن يستجيب لضرورة الحفاظ على الصحة، ويستجيب لدفتر التحملات، وكذا تفعيلا للمادة 76 من المرسوم التطبيقي للقانون 98.23 والمادة 22 من قواعد نيلسون مانديلا[27].

    كما أن الاكتظاظ يحول دون تطبيق مقتضيات المادة 103[28] من القانون 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، مما يؤثر سلبا على أوضاع السجناء.    

رابعا: ترويج المخدرات بين السجناء

    يساهم الاكتظاظ في تنامي مظاهر الفساد داخل المؤسسات السجنية، و التي تحول دون قيام هذه المؤسسات بالدور الإصلاحي والتأهيلي الذي تسعى إلى تحقيقه، و بفعل هذا الاكتظاظ تطفو على السطح تداعيات خطيرة تؤثر على السجناء، إذ تنتشر بين صفوفهم بعض المظاهر الخطيرة، ونخص بالذكر ترويج المخدرات بين السجناء.

     فالمؤسسات السجنية بالمغرب خاصة منها السجون المحلية الكبيرة، تعرف حركة اقتصادية كبيرة داخل أسوار السجن، وتبتدئ هذه الحركة التجارية من مواد التغذية والدخان إلى المواد المخدرة فيوجد في المؤسسة السجنية كل ما يريده المدمن من مخدرات واقراص مهلوسة، وحتى المخدرات المستنشقة -كوكايين- والتي تدخل إلى السجن إما عن طريق تواطؤ موظفي السجن مع ذوي المحكوم عليهم، أوعن طريق استعمال طرق دقيقة في الإخفاء، يصعب على موظفي إدارة السجون كشفها، أوعن طريق المناولة اليدوية بين الزائر والسجين.

    يعتبر إدمان المخدرات[29] ظاهرة خطيرة تسبب أضرارا كثيرة لا تمس الفرد وحده بل تمتد إلى الأسرة و المجتمع ككل، فقد يدمن المحكوم عليه المخدرات على إثر دخوله المؤسسة العقابية بفعل احتكاكه بسجناء مدمنين، فيتعاطاها بدوره رغبة في الخروج من الواقع الذي يعيشه ورغبة في التخفيف والتخلص من حدة القلق والشعور بالإحباط وخلق فضاء لنسيان الشعور بالحزن والضيق وصنع عالم من المرح واللامبالاة. فيحاول بكل الطرق الحصول على المخدرات التي يتم ترويجها داخل أسوار السجن، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يحصل السجناء على المخدرات بالرغم من المراقبة التي تخضع لها المؤسسات السجنية؟

    وللإجابة على هذا السؤال لابد من الإشارة أولا إلى أن ترويج المخدرات يعد بمثابة تجارة مربحة للكثير من السجناء، بل إن بعضهم قد يرتكب جريمة لا لشيء إلا المودة للتجارة بالمخدرات داخل أسوار السجن باعتبارها مهنة تدر عليه ربحا ليكون بذلك السجن هو مقر عمل بالنسبة إليه لا يغادره إلا لفترة قصيرة ثم يعود إليه مرة أخرى من أجل التجارة تعود عليه بالربح. فظاهرة ترويج المخدرات داخل السجون هي ظاهرة تعرف انتشارا واسعا في صفوف السجناء، إلا أنه رغم الجهود المبذولة من طرف المؤسسة السجنية للحد من هذه الآفة المستشرية داخل السجن، فإن هذه المجهودات تبقى محدودة نتيجة انتشار الرشوة لتسهيل عمليات الترويج و الاستهلاك للمخدرات فانتشار ظاهرة الرشوة والمحسوبية تسهل كل صعب و تقرب كل بعيد و تكلم كل أبكم[30].

    إذ تتحول بعض الزنازن إلى أسواق مفتوحة للإتجار في مختلف ألوان المخدرات وبمباركة حراس السجون الموكول لهم مراقبة ما يجري وراء القضبان، غير أن الأمر الخطير هو ولوج بعض السجناء بنسب متفاوتة من تهم الإجرام ليغادروها بعد ذلك وهم مجرمون مائة بالمائة.

   ومما لا يدع الشك أن الحيل المبتكرة في مجال تسريب المخدرات داخل السجون في ارتفاع ملحوظ، ولا يمكن حصرها لكن يمكن الإشارة إلى أن المخدرات في المؤسسات السجنية تنتشر كالهواء المسموم داخل الزنازن بمباركة بعض المدراء والحراس والموظفين، باعتبار أن تفشي المخدرات يقلل من منظورهم ارتفاع معدل الجريمة داخل الزنازن، سيما أن غياب برامج ثقافية جادة تكسر رتابة السجن التي تولد ضغوطات نفسية تستدعي من بعض السجناء الاعتداء على أنفسهم (الانتحار)[31] أو على غيرهم[32].

   هناك حِيًّل لا تخطر على البال في تسريب كل أضرب المخدرات من (القرقوبي والماحيا والسليسيون والحشيش...)، وحسب تصريح أحد السجناء (فإنه وقف على حالة غريبة لسجين يحتسي جرعات من (الماحيا)، و لما سأل زميله عن مصدرها أخبره أن والدته سربت له مجموعة 20 لتر من هذا المسكر بطريقة لا تخلو من دهاء نادر، بحيث لا تخطر على بال أي كان، فقد تمكنت والدة السجين من تهريب هذه الكمية بحيلة جعلت المادة ثمر أمام أعين حراس السجن والموظفين دون أن يفطن بها أحد، حيث اقنت هذه المرأة حوالي 30 قنينة من (الماحيا) وصبت محتواها داخل إناء بلاستيكي (بانيو) ثم غطست بداخله غطاء جديد من الصوف (مانطة) حتى تشبع بمحلول الخمر بعد ذلك وضعت (مانطة) عرضة للشمس حتى جفت ثم حملتها إلى ابنها داخل السجن ملفوفة في وعاء بلاستيكي رفيع، و لما وصلت البضاعة إلى الابن سارع إلى وضعها هو الآخر في إناء بلاستيكي وتركها في الماء الساخن يوما كاملا، حتى لفظت محتواها من(الماحيا)،  بعد ذلك صب السائل المحصل عليه ليحصل على أربع قارورات من حجم 5 لترات، وهكذا أصبح يبيع محتوى كأس من (الماحيا) ب10 دراهم).

      فالحيل التي يعتمدها أقارب السجناء كثيرة ومتنوعة، إذ يستغلون قمة الزيارة من أجل إيصال المخدرات إلى أقربائهم. ورغم الجهود التي بذلتها إدارة السجون من خلال تزويد مؤسساتها بأجهزة سكانير وكاميرات المراقبة، حيث بلغت نسبة تغطية المؤسسات السجنية بأنظمة المراقبة عن طريق الكاميرات الرقمية منها أو العادية خلال سنة 2023 ما يقارب 93% من أجل محاربة تسرب هذه الممنوعات، إلا أنها تبقى بسيطة وغير كافية لمواجهة ذكاء و حيل المسجونين.

    وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتكلم بلسان إحصائي ميداني، عن طريق بسط تطور حالات ضبط الممنوعات خلال سنة 2023[33]. حيث بلغ عدد حالات ضبط المخدرات 936 حالة، بيبنما وصل عدد حالات ضبط أشياء محظورة وأدوات خطيرة[34] الى 1273 حالة مما يتضح معه أن ظاهرة ترويج المخدرات والممنوعات عموما  يبقى من الصعب الحد منه لتعدد حيل ترويجه.

خامسا: الإنحراف الجنسي

    يؤدي الحبس القصير المدة إلى مساوئ تكون لها انعكاسات سلبية على وضعية المحكوم عليهم، فالسجن يحول دون إشباع السجين لحاجياته الطبيعية كمزاولة الجنس، إذ يعاني المحكوم عليه من الحرمان الجنسي نتيجة عزله ومنعه من ممارسة الحياة الجنسية المشروعة، خاصة إذا كان هذا الشخص متزوجا ويحتاج إلى إشباع رغبته الجنسية مع زوجته، وبالتالي فإن حرمانه ينعكس عليه بالسلب[35].

     إذ يقوده إلى صور عديدة من الانحراف الجنسي، وقد أكدت البحوث النفسية أن غالبية السجناء يشعرون بالحاجة إلى الممارسة الجنسية، ونظرا لما يعانيه من نقص عاطفي من جهة، وما يلحظه من سلوكيات الانحراف الجنسي بين زملاءه من جهة أخرى، وغالبا مايؤدي ذلك إلى انتشار الممارسات الجنسية المنحرفة في المؤسسة العقابية بالرغم من الجهود التي تبدل لمنعها[36].

     كما أن ظروف النوم داخل المكان المزدحم والتلاصق والاحتكاك بين النزلاء يجعلهم يعيشون في بيئة تؤجج باستمرار الغريزة الجنسية لديهم مما يدفعهم إلى الممارسة الجنسية المثلية[37]، لذلك فانتشار الشذوذ الجنسي بين المحكوم عليهم ظاهرة طبيعية، خطورته  لاتكمن فقط في ذات الشذوذ وما يرتبط به من مضار، ولكن الوجه الأساسي في هذه الخطورة يكمن في أن من اعتاده يجد فيه الإشباع الجنسي الكامل ومن تم فإنه ينصرف عن الصلات الجنسية الطبيعية، وذلك يعني أن تنحل عائلته وانحلال العائلة هو عقبة في سبيل التأهيل.

   ولقد سعت بعض الدول إلى إيجاد حلول لهذه الظاهرة باتخاذ إجراءات معينة، ففي المملكة العربية السعودية يسمح بمجيء زوجات السجناء إليهم والدخول معهم في خلوة شرعية وفق الضوابط الشرعية المعمول بها[38]، كما قامت محاولات أخرى في عدة دول كالأرجنتين التي ينص قانونها على تمكين المحكوم عليهم من اللقاء بزوجاتهم في السجن في مكان محاط بالأمن والسرية، وبالرغم من أن هذه الإجراءات تهدف إلى التخلص من إحدى مساوئ السجون إلا أنها تنتقد على أساس أنها تكلف الدولة مصاريف إضافية فيما يتعلق بتوفير أماكن للعزلة، فمع الارتفاع المتزايد لأعداد المساجين سيصبح من المستحيل توفير الأماكن الخاصة للعزلة.

    لذلك وجب تنفيذ الخلوة الشرعية لأن الحرمان من الخلوة الشرعية بين المحكوم عليه وزوجته فيه مس بالحقوق الشخصية وبالأسرة نفسها، وبالرجوع إلى القانون 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية المغربي، فلم يرد في هذا الموضوع عبر مواده صورة واضحة عن الخلوة الشرعية، إلا أن المادة 214 من هذا القانون نصت على الرخصة الاستثنائية للخروج لمدة لا تتعدى خمسة عشر يوما بحيث يصبح الشخص المرخص له منفردا في بيته الحر مع زوجته و أولاده و أهله لكن بشروط محددة في هذا القانون.

      ومما لاريب فيه أن تطبيق الخلوة الشرعية ستحد ولو بشكل جزئي من تفشي الانحراف الجنسي، إلا أنه يبقى موضوعا معلقا فيما يخص التطبيق، لكونه يتنافى مع مصلحة السجون التي لا يمكن لها أن تخصص أماكن للعزلة لكل المعتقلين، وحتى لو طبق فلن يسري إلا على المحكوم عليهم بعقوبات طويلة أما المحكوم عليهم بعقوبات قصيرة المدة فلن يسري عليهم نظرا لقصر المدة التي تعد عائقا للاستفادة منها هذا من جهة، ومن زاوية أخرى فالسجين لا يجد حتى سرير له بالمؤسسة السجنية نظرا للاكتظاظ الحاصل فكيف للمؤسسة السجنية أن توفر له مكانا خاصا يختلي فيه مع زوجه ويمتع ويرتع؟

الفقرة الثانية: فشل برنامج الإصلاح والتأهيل بالنظر الى قصر مدة العقوبة

     تتمثل وسائل الإصلاح والتأهيل في المؤسسات العقابية في البرامج التي تشكل في مجموعها سياسة متكاملة تغطي احتياجات المسجونين، منذ دخولهم السجن إلى ما بعد الإفراج عنهم، تساعدهم على استعادة الثقة بأنفسهم وتزويدهم بالخبرات الحرفية والعملية، والتي تأهلهم لممارسة حياة سوية شريفة بعد الإفراج[39]، إلا أن قصر مدة العقوبة لا يحقق هذا الغرض الذي أنشئت من أجله، ألا و هو الإصلاح و التأهيل، فالعقوبة الحبسية تشكل عقبة أمام المؤسسات السجنية، مما يَحُول دون أن تقوم هذه المؤسسات بالأدوار المنوطة بها.

    فهي لا تستوعب الهدف الأساسي من العقاب وهو إصلاح وتأهيل الجانحين، بل ذلك فهي تؤدي إلى تعطيل عملية الإصلاح والتأهيل بصفة عامة داخل المؤسسات السجنية وحرمان الفئات الأخرى من النزلاء من إمكانية الإصلاح والتأهيل، نظرا لما ينتج عنها من أزمات داخل السجن وبالخصوص مشكل التكدس والاكتظاظ [40].

فسلب الحرية قصير المدة لا يتيح الوقت الكافي لإمكانية تنفيذ برامج الإصلاح والتأهيل في مواجهة المحكوم عليه، إذ أن نجاح هذه البرامج في الميادين المهنية والتهذيبية، والطبية، و النفسية، يتطلب بالضرورة وقتا مناسبا، وهو ما لا يتوفر في العقوبة قصيرة المدة[41].

   كما أن رغبة المؤسسات السجنية في تطبيق هذه البرامج تصطدم بمشكل الاكتظاظ، الذي يجعل الإمكانيات قليلة(أولا)، و يجعل بعض النزلاء يرفضون البرامج المقدمة إليهم(ثانيا).

أولا: قلة الإمكانيات

   إن الاكتظاظ الحاصل داخل المؤسسات السجنية له تأثيرات سلبية إذ يتسبب في قلة الإمكانيات وذلك بما فيها الأطر المتواجدة داخل هذه المؤسسات[42] و كذا وسائل العمل، وذلك لكون الاكتظاظ لا يتيح إمكانيات أوسع لاستغلال المساحات المتواجدة داخل السجون لبناء مرافق تربوية بيداغوجية لمساعدة السجناء على التأهيل نظرا لأن أغلب الأماكن تكون مكتظة بالسجناء الذين يفوق عددهم الطاقة الاستيعابية لتلك المؤسسات،

 الأمر الذي يؤدي ببعض السجناء إلى افتراش الأرض[43]. فالاكتظاظ يعد من أهم الإشكاليات التي تعاني منها المؤسسات الشيء الذي يدفع إلى التفكير في الرفع من الحاجة المخصصة للإيواء على حساب البرامج الإصلاحية كما أن بناء مؤسسات جديدة لم يعد كافيا لحل الإشكالية للارتفاع المطرد في عدد نزلاء المؤسسات السجنية نتيجة ارتفاع ظاهرة الإجرام[44].

    فالاكتظاظ يتسبب أيضا في قلة الإمكانيات وذلك بما فيها الأطر المتواجدة داخل هذه المؤسسات، و كذا وسائل العمل، و ذلك لكون الاكتظاظ لا يتيح إمكانيات أوسع لاستغلال المساحات المتواجدة داخل السجون لبناء مرافق تربوية بيداغوجية لمساعدة السجناء على التأهيل[45].

ثانيا: رفض النزلاء للبرامج المقدمة إليهم

  إن البرامج المقدمة من طرف مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج هي برامج جد مهمة، حيث أنها تسمح للسجناء باكتساب مهارات عالية، بالإضافة إلى الثقافة التي يكتسبونها من خلال تلك البرامج.

    ولتفادي المضايقات التي قد يتعرض لها السجناء بعد خروجهم من المؤسسات السجنية قامت مندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج بعقد اتفاقيات مع كل من مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وكذا مديرية الصناعة التقليدية، وتكون الشواهد المحصل عليها من داخل السجن مماثلة للشواهد المحصل عليها خارج السجن، و ذلك من أجل بث نوع من الارتياح النفسي لدى السجين الشيء الذي يدفعه إلى البحث عن عمل داخل المدينة التي يتواجد بها وهو مرتاح البال ومن دون خوف أو إحراج ما دام يتوفر على شهادة تثبت كفاءته، أوالبحث عن عمل خارج مدينته تجنبا للوصم الاجتماعي، الذي غالبا ما يكون كأثر لتلك العقوبة التي تجعل أرباب العمل يفقدون الثقة في الذين يخرجون من السجون، وللأسف فإن هذه النظرة تجاه السجناء متواجدة لدى أرباب العمل والمجتمع على حد سواء، حتى ولو كأن هذا السجين قد دخل للسجن لأسباب غير السرقة كأن يدخل نتيجة الأغلاط القضائية، أونتيجة لتهمة لم يستطع تبرئة نفسه منها، الأمر الذي يزيد من تأزيم وضعية السجين ويجعله غير قادر على الاندماج من جديد في المجتمع الذي كان يعيش فيه من قبل[46].

المطلب الثاني: مؤشر ركود السياسة الجنائية

رغم أن التصدي لظاهرة الإجرام البسيط يشغل حيزا لا يستهان بـه مـن الترسانة القانونية الجنائية بالمغرب، وذلك وكما سبق وبينا- بنسـبة مئويـة تبلـغ حوالي 35.68% من المجموع العام للجرائم والعقوبات المنصوص عليهـا داخـل مجموعة القانون الجنائي، إلا أن الملاحظ أن معالجة النص التشريعي لظـاهرة الإجرام البسيط تتسم باعتماد آليات الزجر التقليدي وبنوع من الارتجالية، إضافة إلى فقدان عنصر الفاعلية وخير دليل على ذلك ارتفاع حالات العود (الفقرة الأولى ) وما سارت عليه الجريمة من خط تصاعدي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى  : حالات العود كمؤشر على فشل السياسة الجنائية

     إن المنظومة التشريعية بالمغرب لازالت في الحقيقة تخطو خطوات محتشمة على درب الحد من ارتفاع ظاهرة الإجرام البسيط، ومرد ذلك بالأساس هـو نـهـج سياسة ارتجالية[47] واعتماد آليات الزجر التقليدية والمتمثلة أساسا فـي العقوبـات السالبة للحرية وخاصة القصيرة المدة منها، وذلك رغم ما لها من آثار سلبية –كمـا سبق وأشرنا- ولكن الخطير في الأمر أن هاته الآثار السلبية لا تقف عند فترة تنفيذ العقوبة بل تتخطاها إلى مرحلة ما بعد تنفيذ العقوبة والإفراج عن المحكوم عليه.

     فبعد فترة الانعزال عن المجتمع وفي ظل تلك الظروف التي تعرفها سجوننا، فعند عودة المحكوم عليه للمجتمع بعد قضاء فترة العقوبة داخل السجن يكون محـلا للكثير من هموم القلق والتوتر والتخوف من النظرة الدونية للمجتمع، الأمـر الـذي يقلل من إمكانية عودة المحكوم عليه للمجتمع والاندماج فيـه كعضـو عـاد، لكـن بالإضافة إلى هموم الإحباط والقلق التي يعاني منها داخل المجتمع فهو يخرج معززا بقيم فاسدة وخبرات إجرامية اكتسبها خلال فترة العقوبة، الأمر الذي يجمله وتحـت كل هاته المؤثرات السلبية يفكر في العودة إلى السجن بمجـرد الخـروج مـنـه[48] ويكون بذلك قد عبر عن انتمائه نهائيا لعالم الإجرام، فلا يخرج من السجن إلا ليعود إليه، وذلك بفعل التفاعل الذي يحدث لديه بين ما اكتسبه من خبرات إجرامية وقـيم فاسدة نتيجة الاختلاط بالوسط السجني والاحتكاك بمن تعودوا على هذا الوسـط وبين ما يكون لديه أصلا من استعداد جرمي ونقص في الوازع الديني والأخلاقـي الأمر الذي يعزز من احتمال عودته مرة أخرى إلى درب الجريمة، ولكن وفي هـذه الحالة فجريمته الجديدة ستكون بدون شك أخطر من جريمته السابقة وهو مـا عبـر عنه بعض الفقه بخطر تكرار الجريمة والذي يبقى أخطر من سـابقتها[49] وذلـك بفعل الخبرات الإجرامية خلال فترة تنفيذ العقوبة، الأمر الذي يكون له أثر فعال فـي جعل جريمته الجديدة أكثر خطورة سواء من حيث طريقة ارتكابهـا أو مـن حيـث الآثار التي تترتب عليها، بالإضافة إلى إتقان ارتكابها بطريقة يصعب معهـا تتبـع ومعرفة مرتكبيها.

     فنحن إذن أصبحنا أمام مؤسسات لم تعد سوى مواقع لتجنيد محترفي الإجرام، وللتدليل على مصداقية هذا القول نستشهد بما ورد بالكتاب الأبيض المعد من طرف الحكومة البريطانية سنة 1990 والتي أقرت خلاله وبشكل صريح أن "السجن ما هو إلا وسيلة باهظة التكاليف لتحويل الأشرار إلى أشخاص أكثـر شـرا"[50]. فهنـاك إحصائيات تؤكد هذا الطرح والمتمثل في كون السجون أصبحت مجرد مرتع لتكوين أشخاص يعبرون عن انتمائهم نهائيا لعالم الإجرام فلا يخرجـون مـن السـجن إلا ليعودوا إليه مرة أخرى، فقد أثبتت التجربة أن معظم الجناة هم من مرتادي السجون، وأن خير وسيلة للحد من ذلك تكمن في خلق آليات تحول دون اللجوء إلى الجريمـة كتتبع السجين بعد المغادرة ومحاولة مساعدته على الاندماج في المجتمع وزرع الثقة بنفسه[51]، فمن خلال إحصائيات تمت ببريطانيا خلصت إلى أن ثلاثة أرباع الشباب البريطاني الذين غادروا السجن سنة 1978 عادوا إلى الجريمـة خـلال السنتين المواليتين، وأن 40% منهم عادوا إلى السجن، أما في فرنسا فـإن حـالات العـود وصلت إلى 60% خلال السنوات الأربع التي تلي قضاء العقوبة[52]. وبالاستناد على ما سبق، نتساءل حول جدوى اللجوء إلـى عقوبـات ســالبة للحرية قصيرة المدة لأجل عقاب مرتكبي الجرائم البسيطة، فمثلا السجين المبتدئ الذي يتم إيداعه في السجن لأنه اصدر شيك بدون توفير مؤونة أو ارتكب عنفا خفيفا أو أهمل أسرته، فهنا يفقد هذا الشخص المبتدئ تلك الرهبة مـن السـجن كعقوبـة ويخرج وقد أصبح من عتاة المجرمين ويتولد لديه استعداد للتكيـف تـدريجيا مـع مجتمع السجن بما يحتويه من ثقافات وقيم فاسدة ومنحرفة الأمر الذي يساعد علـى تكوين روابط وصِلات بينه وبين شريحة منحرفة من أفراد المجتمع والتي لا تعرف غیر درب الجريمة، وفي المغرب بلغت نسبة العود 24.6% لدى السجناء المفرج عنهم، مع تسجيل عودة 49.4%، خلال السنة الأولى؛ مايعني أن احتمالية العود ترتفع خلال السنة الأولى بعد الإفراج[53]، كما أن الأعداد الهائلة لنزلاء المؤسسات السجنية وكذا القضايا والملفات المعروضة أمام المحاكم تؤكد ارتفاع نسبه (العود) وهو الأمر الذي وبدون شك يساهم في الرفع من معدلات الجريمة.

الفقرة الثانية : ارتفاع معدلات الجريمة

لقد كان عدد المعتقلين في بداية السبعينات وبالضـبط سـنة 1973 حـوالي 16335 نزيل[54] وفي سنة 2023 بلغ هذا العدد الى 102653[55]، وعلى العمـوم نلحظ ارتفاع مهول في عدد المعتقلين مقارنة بباقي السنوات إلا أنه ظل يتجاوز عتبة 100 ألـف سجين يقبعون داخل سجون المملكة، فإذا أضفنا هذا العدد مـن الأشخاص نـزلاء المؤسسات السجنية باعتبار أن الأمر يتعلق دائما بجرائم وتعبر بشكل أو بآخر عـن اعداد الجرائم المرتكبة داخل المملكة، والتي تـم الحكـم فيهـا بعقوبـات سـالبة للحرية[56].

    إذن وبصفة عامة فإنه وبالرغم مـن الكم الهائل من الجرائم، إلا أن هذه الأخيرة أضحت تنحوا منحى تصاعدي، ومعاكس لغاية المشرع مما يفتح المجال للحكـم لمحدوديـة الآليـات الزجرية المنتهجة في هذا المجال والتي ورغم تشددها إلا أن نتائجها كانت مخيبـة للآمال ولما هو مرجو منها، وهكذا فإنه لم يثبت أن اتباع السياسات الجنائية الزجرية المتشددة في بعض الدول كأمريكا مثلا أدت إلى الحد من الجـرائم أو جعلـت مـن المجرمين بعد قضاء العقوبة مواطنين صالحين[57]، بل الأكثر مـن ذلـك أعلـى معدلات الإجرام تمت معايناتها في الدول التي سلكت سياسة جنائية متشددة، حيث أن نسبة السجناء في الولايات المتحدة الأمريكية تشكل 1 في الألف ونفس الشيء بالنسبة لروسيا.

  وعندنا في المغرب فقد ارتفعت معدلات الجريمة بدرجة أصبحنا نسمع فيها وكما هو معلوم بخروج سكان بعض المدن مطالبين الدولة بتوفير الأمن، كما أنه وفي ظل غياب احصائيات دقيقة عن معدلات الإجرام فإنه ارتفـع عـدد السـجناء مـن 86.384 إلـى 102.653 مـا بيـن ســنتي 2019 و2023 أي بنســبة 18.83 % وقـــد تخلـــل هــذا التطــور انخفــاض بنسـبة1.6% مــا بــين ســنتي 2019 و2020 بســبب الظرفيــــة المرتبطــة بجائحـــة كورونــا ومــا صاحبهــا مــن تجميــد أنشــطة المحاكم وتدابـــير عفــــو اســتثنائية. وقــد أثــر هــذا الانخفــاض علـى متوسـط التطـور السـنوي حيـث بلـغ 4,4 % خـلال الفتــرة الممتــدة مــا بيــن سـنتي 2019 و2023.

 في حين ارتفــع عــدد الساكنة السجنية بنســبة 5.6 % مـا بيــن سـنتي 2022 و2023 ، مقابــل 9.3 % بيـن سـنتي 2021 و2022.



[1]  - بوجمعة الزناكي: " بدائل العقوبات السالبة للحرية الشغل من أجل المنفعة العامة" ، مجلة الإشعاع، العدد 24، ص:90.

[2]  - الإجرام البسيط أو الجنوح البسيط تختلف التسمية لكن الغاية واحدة معالجة هذه الظاهرة والحد من آثارها.

[3] -  نقصد هنا القانون الجنائي بمفهومه الواسع الموضوعي والشكلي.

[4]  - عبد الحميد المليحي :" أزمة السياسة الجنائية بالمغرب وسؤال الإصلاح: نحو البحث عن البدائل الممكنة"، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية،س.2017، ع.4-5، ص:235.

[5]  - منير أبجلال،"العقوبة السالبة للحرية في ضوء التشريع المغربي والمعايير الدولية لمعاملة السجناء"، رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني، جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة 2011-2012، ص:86.

[6]  - سعید خصال: "فعالية المؤسسات السجنية في تأهيل المجرمين"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون التجارة الدولية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-طنجة، السنة الجامعية،2015/2014، ص:334.

[7]  -  حسب تصريح المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، فالساكنة السجنية بالمغرب تبلغ 98.000 سجين مع متم سنة 2022 بنسبة 10 في المئة  مقارنة بسنة 2021 حيث كانت الساكنة السجنية في حدود 98.000.

[8]  -  تصريح المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.

[9]  - إحصائية رسمية صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في إطار التقرير السنوي لسنة 2023، منشور بالموقع الرسمي للمندوبية،www.dgapr.gov.ma، تاريخ الدخول 2024/09/16 على الساعة 19:28.

[10]  - المصدر: قاعدة البيانات (The World Prison Brief)، معهد البحوث للسياسية الجنائية (ICPR) The Institute For Criminal Policy Reseach)، ببيركبك (Birkbeck)، جامعة لندن، (omdp.org.ma:htt//)، اطلع عليه بتاريخ: 04/10/2024، على الساعة 22:42.

للمزيد من  التوضيح أنظر:

- عبد الفتاح بن الحسين:" السياسة الجنائية في الاعتقال الاحتياطي"، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع –الرباط، ط الأولى 2022.

[11]  - حسيني مراد: "المنظومة العقابية في ظل الإصلاحات المدخلة على قانون السحون بالجزائر"، سلسلة المعارف القانونية والقضائية قراءات في المادة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، س. 2013، ص:184.

[12]  - سعید خصال:" فعالية المؤسسات السجنية في تأهيل المجرمين"، م.س، ص:299.

[13]  - يقدر معدل الاكتظاظ خلال سنة 2023 ب 159% حسب التقرير السنوي لسنة 2023 الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

[14]  - منير أبجلال: "العقوبة السالبة للحرية في ضوء التشريع المغربي و المعايير الدولية لمعاملة السجناء"، م.س، ص:87.

[15]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2008، منشورات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يونيو 2009، ص:36.        

[16]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2008، م.س، ص:37.

[17]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2022، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكتوبر 2022، ص:170.

 

[18]  - تنص المادة 6 من القانون 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبيبر المؤسسات السجنية على أنه "يفصل المعتقلون الاحتياطيون والمؤقتون عن المدانين.

 يفصل المكرهون بدنيا عن المعتقلين الاحتياطيين والمؤقتين و المدانين.

 يفصل المعتقلون العسكريون وشبه العسكريين عن باقي المعتقلين إلى غاية سقوط الصفة  العسكرية عنهم.

   يجب تخصيص أماكن منفصلة للمعتقلين المرضى."

[19]  - محمد نبيل قرشي: "اكتظاظ المؤسسات السجنية في المغرب"، بحث لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية، وحدة العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، شعبة القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال- الرباط، السنة الجامعية 2008/2009، ص:27.

[20]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2022، منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكتوبر 2022، ص:173.

[21]  - إحصائية رسمية صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة  الإدماج في إطار التقرير السنوي لسنة 2023، منشور بالموقع الرسمي للمندوبية،www.dgapr.gov.ma، تاريخ الدخول 2024/10/16 على الساعة 21:28.

[22] - أمام غياب احصائيات رسمية ودقيقة عن التكلفة المالية للمعتقل الواحد، يمكن تقديرها إجمالا بما لا يقل عن 40 درهما، فإذا تم أخذ عدد الساكنة السجنية إلى بتاريخ: 31/12/2023، وهو 102653 معتقلا. فإن التكلفة المالية تكون على الشكل التالي:

102.653 (عدد الساكنة السجنية) × 40 (درهما) = 4.106.120 درهما يوميا، × 30 (يوما) =123.183.600 درهما في الشهر، × 12 شهر (أي سنة) = 1.478.203.200 درهما في السنة وهو مبلغ مرتفع، يتكفل بتوفيره دافعوا الضرائب.

مما يعني أن الجنوح البسيط أو الاعتقال الاحتياطي يمكن أن يكوِّن هدر المال العام، وبالتالي يكون إنفاق هذا المبلغ المرتفع على حساب إصلاح أوضاع السجن  والسجناء، فمثل هذا الوضع دفع بالأستاذة رجاء ناجي المكاوي إلى الدعوة بتبني سياسة فعالة تشتغل أساسا على الجانب الوقائي وتحويل جزء من الأموال التي تصرف دون جدوى على السجون، كوسيلة للحد من الجنوح والإجرام.

    وما تجدر الإشارة إليه أن السجين في فرنسا يكلف 120 أورو يوميا، وهي ثلاث مرات تكلفة طالب جامعي، بينما تصرف سويسرا ضعف ذلك تقريبا 211 أورو يوميا للسجين، وبريطانيا 109 جنيه إسترليني يوميا، والكبيك (كندا) دولار كندي يوميا، وبلجيكا 126 أورو يوميا. وفي البلدان المغاربية كلف السجين سنة 2018 في تونس 13 دولارا يوميا مقابل 2,3 دولار يوميا لكل تلميذ، وفي الجزائر 12 دولارا يوميا لكل سجين مقابل 1,9 دولار يوميا لكل تلميذ، كما ورد عن موقع أصول مغاربية (أنفوغرافيك) على الرابط التالي: www.maghrebvoices.com ،اطلع عليه بتاريخ: 24/09/2024، بتاريخ: 03:11.

     فالاعتقال مكلف ماديا، مما يؤثر سلبا على إدارة السجون التي تكون مجبرة على تخصيص جزء مهم من الاعتمادات المالية لمواجهة نفقات التسيير اليومي للمعتقلين، خاصة الاحتياطيين منهم، الذين كان بقليل من المرونة متابعتهم في حالة سراح، وأن عددا منهم يفرج عنه لأسباب مختلفة كالحكم بالبراءة أو عدم المتابعة، بعد الاعتقال الاحتياطي، ناهيك عن الجرائم البسيطة أو الجنوح البسيط  وما يرتبه  من آثار وخيمة على المستوى الاقتصادي من جهة وباقي المستويات الأخرى. وبالتالي فلا الجنوح البسيط و الاعتقال الاحتياطي ما يزيد الدولة إلا ملايير السنتيمات سنويا، لأجله ينبغي  ترشيده والحد  من ظاهرة الجنوح البسيط.

[23]  - حسناء صايم: "خصخصة المؤسسات العقابية"، مجلة العلوم الجنائية، مطبعة الأمنية، الرباط السنة 2014، العدد الأول، ص:182 و183.

[24]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2022، م.س، ص:171.

[25]  - محمد عبد النبوي، الخطة العربية لإدماج السجناء وتأهيل المؤسسات السجنية، أشغال الندوة التي نظمتها وزارة العدل بالمملكة المغربية تنفيذا لقرار مجلس وزراء العدل العرب تحت عنوان السياسة الجنائية في الوطن العربي، بمراكش يومي 26 و 27 أبريل 2006، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، السنة 2006، العدد 5، ص:78.

[26]  - التقرير السنوي لسنة 2023، الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، منشور بالموقع الرسمي للمندوبية، www.dgapr.gov.ma، تاريخ الدخول 2024/09/18 على الساعة 02:06.

[27]  - التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2022، م.س، ص:171.

[28]  - تنص المادة 103 على: " يتعين على الطبيب القايام بما يلي:
- الحرص على مراقبة التغذية ونظافة المؤسسة ؛-... ".

[29]  - تعرف المخدرات عموما بأنها كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تزيل العقل جزئيا أو كليا، وتناولها يؤدي إلى الإدمان، مما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي، فتضر الفرد والمجتمع، ويحضر تداولها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

 للمزيد من التوضيح أنظر:

- امحمد اقبلي وعابد العمراني:" القانون الجنائي الخاص في شروح"، دار الآفاق المغربية، الطبعة الأولى، 2020، ص:255.

[30]  - منير أبجال: "العقوبة السالبة للحرية في ضوء التشريع المغربي و المعاير الدولية لمعاملة السجناء"، رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، جامعة مولاي اسماعيل –مكناس، السنة 2011-2012،ص:03.

 

[31]  حيث وصل معدل الاعتداء على النفس سنة 2023 الى 1069 حالة حسب تقرير المندوبية لسنة 2023

[32]  حيث وصل معدل الاعتداء بين السجناء سنة 2023 الى 6738 حالة، بينما وصل معدل الاعتداء على الموظفين الى 89 حالة حسب تقرير المندوبية لسنة 2023.

[33]  التقرير السنوي لسنة 2023، الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، منشور بالموقع الرسمي للمندوبية، www.dgapr.gov.ma، تاريخ الدخول 2023/10/08 على الساعة 02:38.

[34]  كالهواتف النقالة والمبالغ المالية...

[35]  بوسري عبد اللطيف: "النظم المستحدثة لمواجهة أزمة الحبس القصير"، الطبعة الأولى، مطبعة الوفاء القانونية الاسكندرية،2016، ص:49.

[36]  بشرى رضى سعد:" بدائل العقوبات السالبة للحرية وأثرها في الحد من الخطورة الإجرامية دراسة مقارنة"، دار وائل للنشر مصر، 2013، ص:41.

[37]  - سعد خصال: "فعالية المؤسسات السجنية في تأهيل المجرمين" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون التجارة الدولية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –طنجة، السنة الجامعية 2014-2015، ص: 300.

[38]  - عبد الله بن عبد العزيز اليوسف: "التدابير المجتمعية كبدائل للمقربات السالبة الحرية"، ط الأولى، أكاديمية نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 2003، ص: 75.

[39]  - فهد يوسف الكساسبة: "وظيفة العقوبة و دورها في الإصلاح و التأهيل دراسة مقارنة"، الطبعة الأولى، مطبعة دار وائل للنشر وللتوزيع،2010،ص:197.

[40]  - مصطفى بن سعيدي: "الإجرام البسيط "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، وحدة العلوم الجنائية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية طنجة، السنة الجامعية 2007-2008، ص:49.

 [41]  - طارق عبد الوهاب سليم: "المدخل في علم العقاب الحديث"، الطبعة الأولى، مطبعة دار النهضة العربية،1996، ص:252.

[42]  حيث وصل عدد الموظفين بتاريخ: 2023/12/31 الى  13605 موظف موزعة حسب مقر العمل على كل من المؤسسات السجنية والإدارة المركزية ومركز تكوين الأطر.

[43]  - محمد أغربي: "تأثير اكتظاظ السجون على برامج الإصلاح و التأهيل دراسة النطاق و كيفية المعالجة"، سلسلة المعارف القانونية والقضائية قراءات في المادة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط، السنة 2013، ص:140.

[44] - عبد الرحيم الجوهري: "السجين بين إمكانيات التأهيل و أفاق الإدماج"، مجلة القصر، السنة 2006، العدد 15، ص: 73.

[45]  - محمد أغربی: "اكتظاظ السجون و أثره على برامج الإصلاح و التأهيل"، م.س، ص: 75.

 

[46]  - محمد أغربی: "اكتظاظ السجون و أثره على برامج الإصلاح و التأهيل"، م.س، ص: 132.

[47]  - وهنا نقصد بالأساس العامل القضائي وتأثيره على التوجه الجنائي الجديد، وفي هذا الإطار نورد دعـوة بعض الفقه للجهاز القضائي للمساهمة الإيجابية في إنجاح السياسة الجنائية. انظر في هذا الخصوص مصطفى مداح "العقوبات السالبة للحرية وسياسة الإصـلاح"، م.س، ص: 244-245.

[48]  - بوجمعة الزناكي: "بدائل العقوبات السالبة للحرية الشغل من أجل المنفعـة العامـة، م.س، ص: 24.

[49]  - رمسیس بهنام: "نظرية التجريم في القانون الجنائي"، منشأة المعارف الجديدة، الإسكندرية، طبعـة 1996، ص:49-51.

[50]  - عبد الإله المستاري: مداخلة أثناء جلسة المناقشات حول موضوع "الوضع العقابي القائم المعـد مـن طرف الأستاذ مصطفى مداح بمناسبة أشغال المناظرة الوطنية حول "السياسة الجنائية بالمغرب واقع وأفـاقي"، منشورات سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 4، 2005، ص:263.

 

[51]  - يوسف بناصر: "أزمة السياسة الجنائية بالمغرب، ظاهرة الجنوح البسيط كنمـوذج"، مجلـة الواحـة القانونية، العدد 20، سنة 2006، ص:22.

[52] -  بوجمعة الزناكي: "بدقل العقوبات السالبة للحرية الشغل من أجل المنفعة العامة"، م.س، ص:90.

[53]  - بشرى الردادي:" ما الفئة الاكثر تسجيل لحالات العود بالمغرب؟ وما الأسباب". مقال منشور بموقع TELQUELعربي:

)https://ar.telquel.ma  consulté le 19/10/2024 a l’heure02:19  .

[54]  - عبد الصمد الزعنوني "بدائل العقوبات السالبة للحرية"، م.س، ص:27

[55]  - إحصائية رسمية صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في إطار التقرير السنوي لسنة 2023، منشور بالموقع الرسمي للمندوبية،www.dgapr.gov.ma، تاريخ الدخول: 2024/09/24 على الساعة 02:22.

[56]  - هذا بغض النظر عن تلك الجرائم المرتكبة والتي لم تصل الى علم أجهزة العدالة وهوما قد يدخلنا في نقاش حول الإجرام الباطن و الظاهر "الرقم الأسود".

[57]  - بوجمعة الزناكي "بدائل العقوبات السالبة للحرية"، م.س، ص:90.


من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله

قانونك


 من أجل تحميل العدد 22  - إضغط هنا أو أسفله

مجلة قانونك - العدد الثالث