التكييف
الفقهي والقانوني للوكيل الذكي
حسام حاوكش
باحث في سلك
الدكتوراه ـ الفقه المقارن بالقانون ـ مختبر الدراسات التطبيقية في الشريعة
والقانون ـ كلية الشريعةـ جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس
Doctrinal and legal adaptation of the
intelligent agent
Hossam HAWAKESH
الملخص:
الموضوع يتناول مسألة قانونية معقدة تتعلق بإمكانية منح الشخصية القانونية
للوكيل الذكي (الذكاء الاصطناعي القادر على تنفيذ العقود والقيام بمهام مستقلة)،
تجاوز القانون ربط الشخصية القانونية بالإنسان، مثل الشركات التي تمنح شخصية
اعتبارية، الوكيل الذكي يتميز بخصائص مثل الاستقلالية والقدرة على التعلم، مما
يجعله مؤهلاً لإبرام العقود، فالاعتراف بشخصيته القانونية يحل مشاكل قانونية
متعلقة بالرضا والتعاقد في البيئة الرقمية، وتحميل الوكيل الذكي المسؤولية بدلاً
من المستخدم يعزز الثقة في التجارة الإلكترونية، وهناك اتجاه معارض لهذا الرأي حيث
ينظر للأمر على أساس أن الوكيل الذكي مجرد أداة أو وسيلة اتصال تعكس إرادة
المستخدم، مع استدلالهم بغياب الوعي والإدراك الذاتي للوكيل الذكي، إضافة لغياب
الذمة المالية والمكان القانوني للوكيل الذكي، وكذا صعوبة تحديد المسؤولية عند
وقوع ضرر و عدم قابلية الوكيل الذكي للعقوبات الجنائية، الشيء الذي وضح أن معظم
التشريعات تنظر إلى الوكيل الذكي كوسيلة اتصال لا أكثر، ولا تعترف له بشخصية
قانونية مستقلة.
الكلمات المفتاحية: الوكيل الذكي ــ
الشخصية القانونية ــ الإدراك والوعي الذاتي
Summary:
This topic addresses a complex
legal issue regarding the possibility of granting legal personality to smart
agents (AI capable of executing contracts and performing independent tasks). It
explores the potential to extend legal personality beyond humans, similar to
how companies are granted corporate personality. Smart agents are characterized
by features such as autonomy and the ability to learn, qualifying them to enter
into contracts. Recognizing their legal personality could resolve legal issues
related to consent and contracting in the digital environment. Additionally,
holding smart agents accountable instead of users could enhance trust in
e-commerce.
However, there is opposition
to this view, arguing that smart agents are merely tools or communication means
reflecting the user's will. Critics point to the absence of consciousness or
self-awareness in smart agents, the lack of financial liability, and the legal
framework necessary for such entities. They also highlight difficulties in
determining liability in cases of harm and the inability to subject smart
agents to criminal penalties. This perspective shows that most legal systems
view smart agents as no more than communication tools and do not recognize them
as having independent legal personality.
Keywords : Smart Agen - Consciousness
and Self-Awareness - Legal Personality.
مقدمة:
الشخصية هي مصطلح قانوني يشير إلى الكيان الإنساني، سواء كان طبيعيا أو
معنويا، الذي ترتبط به الحقوق والالتزامات، بحيث لا يمكن تصور انفصالهما عنه. في
البداية، اقتصرت هذه الشخصية على "الشخصية الطبيعية" التي يتمتع بها كل
فرد من البشر، حيث يُعتبر كل إنسان كيانًا مستقلاً له حقوقه وواجباته التي يقرها
القانون. يُعرف الشخص الطبيعي بأنه كل إنسان يستوفي الشروط التي يحددها القانون،
مما يجعله مؤهلاً للوفاء بالالتزامات وتنفيذها، ويتحمل مسؤولية أفعاله، بشرط أن
يكون مكتمل الأهلية ويمتلك ذمة مالية.
ومع
التطورات الاجتماعية والتعقيدات الناتجة عنها، اعترف المشرعون بوجود "الشخصية
الاعتبارية" أو "المعنوية"، ومنحوها صفة قانونية مستقلة. وقد تم
تعريف الشخصية الاعتبارية بأنها كيان يتكون من مجموعة من الأشخاص أو الأموال أو
كليهما معًا، يُضفي عليها القانون شخصية قانونية مستقلة عن الأشخاص المساهمين في
إنشائها. تشمل هذه الكيانات الاعتبارية الجمعيات، المؤسسات، والمنظمات، بحيث تمتلك
ذمة مالية خاصة بها لا تختلط بمالية الأفراد المكونين لها.
الإشكالية البحث
يُثير استخدام الوكلاء الذكيين
في إبرام العقود تساؤلات جوهرية حول تحديد الطرف الذي يتحمل المسؤولية في حال حدوث
خطأ أو ضرر ناتج عن تصرفات الوكيل الذكي، وجاءت إشكالية هذه الدراسة
لتحديد المسؤولية عن أفعال الوكيل الذكي في سياق التعاقد.
فإشكالية هذه الدراسة إلى ما مدى
نجاعة تقنيات الوكيل الذكي في إبرام العقود، وكيف تعاملت التشريعات مع الإشكالات
الناتجة عنه؟
أهمية وأهداف الدراسة:
وتتجلى أهمية هذه الدراسة في
كونها تناولت موقف الفقه من التعاقد عن طريق الوكيل الذكي مع توضيح تقنياته ويكتسب
التكييف القانوني للتعاقد من قبل الوكيل الذكي أهمية قصوى لعدة أسباب رئيسية منها
التأثير على مستقبل المعاملات التجارية، ومع ازدياد الاعتماد على تقنية الوكلاء
الذكيين في إبرام العقود وتنفيذ المعاملات، تصبح معالجة إشكالات المسؤولية عنصرًا
حاسماً لضمان بيئة تجارية آمنة وموثوقة.
وتهدف الدراسة إلى فهم التحديات
القانونية التي تنشأ عن استخدام الوكيل الذكي في إبرام العقود.
الدراسات السابقة
ـ الإشكاليات
القانونية لإبرام الوكيل الذكي للعقود التجارية الذكية في ظل عصر "البلوك
تشين:" دولتا الكويت والإمارات نموذجا: دراسة تحليلية مقارنة
لأحمد مصطفى الدبوسى مجلة كلية القانون الكويتية العالمية سنة 2020. وتناولت هذه الدراسة تقنية (البلوك تشين:)
تعريفها وخصائصها وإشكالياتها ومجال
تطبيقها
ماهية العقود التجارية التي يبرمها الوكيل الذكي عبر تقنية (البلوك تشين) المركز
القانوني للوكيل الذكي في إبرام العقود الذكية ومسؤوليته القانونية. ـ "مسؤولية الوكلاء الذكيين في القانون
السعودي": نُشرت هذه الدراسة في مجلة "العلوم
القانونية" عام 2022 من قبل الباحث "خالد بن عبد الرحمن آل عبد
الله".
تُحلل
الدراسة المسؤولية القانونية للوكلاء الذكيين في سياق القانون السعودي، وتُناقش
مختلف الأحكام القانونية التي تنظم استخدام هذه التكنولوجيا. ـ "الذكاء الاصطناعي والعقود الذكية:
قضايا قانونية ناشئة": نُشرت هذه الدراسة في مجلة "القانون
الكويتي" عام 2021 من قبل الباحثين "فهد سالم العازمي" و"أحمد
محمد الغانم". تُناقش الدراسة القضايا القانونية الناشئة عن
استخدام العقود الذكية، مع التركيز على دور الوكلاء الذكيين في
إبرام هذه العقود.
منهج الدراسة:
ثم
الاعتماد في هذا الموضوع على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من خلال التعريف
بالوكيل الذكي، وتوضيح تقنياته، حيث جرى من خلال الجانب التحليلي لهذا المنهج عرض
وتحليل إشكالات الوكيل الذكي في إبرام العقود على مستوى الأهلية والإرادة.
خطة الدراسة:
إن
دراسة موضوع " التكييف الفقهي والقانوني للوكيل الذكي " بطريقة علمية صحيحة ومنهجية سليمة تقتضي وضع
تصميم يتناول أغلب جزئيات الموضوع.
وللإجابة
عن الإشكالية المحورية للموضوع قسمت هذا البحث إلى مقدمة ومطلبين اثنين
ثم خاتمة، بالإضافة إلى لائحة بأهم المصادر والمراجع.
تناولت في المقدمة تقديم لموضوع البحث
محل الدراسة وذلك من خلال إبراز لأهمية الموضوع، وإشكاليته، والمنهج
المعتمد، وكذا أهم الدراسات السابقة ثم خطة البحث.
أما المطلب
الأول فقد أفردته للحديث عن موقف الفقه من الوكيل الذكي، وخصصت المطلب
الثاني للحديث عن الموقف التشريعي من الطبيعة القانونية للوكيل الذكي.
وفي
الأخير توجت البحث بخاتمة ضمنتها أهم النتائج والخلاصات التي توصلت إليها.
المطلب الأول: موقف الفقه من الوكيل الذكي
التشريع سمح
بصبغ كيانات غير بشرية بالصبغة القانونية أي منح غير البشر الشخصية القانونية، وهو
الأمر الذي أثار جدلاً بين الباحثين القانونيين حول إمكانية منح الوكيل الذكي
الشخصية القانونية التي تؤهله لإبرام العقود، فتعبير الشخص في القانون لم يبق
مرتبطاً بشرط الآدمية "الإنسان"، وإنما أمسى القانون يمنح الشخصية
القانونية لتلك الكيانات تحت إطار ما يسمى بالشخصية القانونية الاعتبارية.
ومن ثم
انقسم الفقه إلى اتجاهين، يؤيد الأول بل ينادي بمنح الشخصية القانونية للوكيل
الذكي سيتم بيانه في الفرع الأول، في حين يعارض الاتجاه الثاني ذلك، سيتم بيانه في
الفرع الثاني.
الفرع الأول:
الاتجاه الفقهي المؤيد لمنح الشخصية القانونية للوكيل الذكي
يرى
أنصار هذا الاتجاه أنه ما دام القانون أوجد فكرة الشخصية القانونية الاعتبارية
بغية تجاوز محدودية قدرات الإنسان في بعض المسائل لمواكبة متطلبات الحياة، فإنهم
يتساءلون عن المانع من قيام القانون بالشيء نفسه مع الوكيل الذكي بما يخلق له ما
يسمى بالشخصية القانونية الإلكترونية[1] وفي ذلك يقدم هذا الاتجاه عدداً من الحجج لدعم موقفه، وهي:
أولاً: أن تطور الحياة في كافة الميادين قد نسف
التلاصق القانوني بين الطبيعة الإنسانية والشخصية القانونية، فتعبير القانون للشخص
لم يعد يقتصر على الأدمية، وإنما أصبح القانون يثبت الشخصية القانونية لكيانات غير
بشرية، معطيها الشخصية القانونية الاعتبارية أو ما تعرف أحياناً بالشخصية الحكمية،
بحيث يكون لها شخصية مستقلة عن شخصية المكونين لها، ولما كان ذلك رغم أن هذه
الكيانات ليس لها وجود مادي ولا إرادة حرة لتعبر عنها هذه الكيانات بنفسها فكيف لا
يعترف بهذه الشخصية للوكيل الإلكتروني رغم أنه يمكنه - على عكس الكيانات المعنوية
السابقة له " المعنوية" - التعبير عن ارادته بنفسه نظراً لما يتمتع به
من خصائص ذكية تحاكي سمات البشر، وهو بذلك أقرب للشخص الطبيعي من الشخص المعنوي [2].
ثانياً:
أن منح الشخصية القانونية ينسجم مع خصائص الوكيل الذكي، حيث إن هذه السمات تعطي
الوكيل الذكي أهلية إبرام العقود، فهذه الخصائص ذات كفاءة خيالية تزود هذا الوكيل
القدرة على العمل بشكل مستقل وليس كنظام آلي بحث، بل هو قادر على التعلم واكتساب
الخبرات والتصرف بناء على تقييماته دون العودة إلى الأصيل، أسوة في ذلك مع العقل
البشري[3] كما وتوجد ثلاثة أسباب تحت المشرعين على منح
الشخصية القانونية للوكيل الذكي والتي يتم إعمالها لمنح هذه الشخصية لأي كيان
كالشركات، وتلك الأسباب هي: الاسم (Moral
Entitlement)
والقدرة الاجتماعية (Social
Capacity)،
والملائمة والضرورة القانونية، وهذه الثلاثة تتوافر في الوكيل الذكي، فالقدرة الاجتماعية على
سبيل التركيز تجعل الوكيل الذكي ذو قدرة على التفاعل والاتصال مع الأشخاص الآخرين
المتواجدين في الشبكة، سواء أكانوا أشخاص طبيعيين يبحثون بأنفسهم عن طلباتهم، أم
وكلاء إلكترونيين يعملون لحساب غيرهم، كما أن هؤلاء الغير يتعاملون مع الوكيل
الذكي على أنه كيان مستقل منفصل عن مستخدمه الذي قد لا يعلم بوجوده بالأساس، أضف
إلى ذلك أن الوكيل الذكي يتميز بخاصية الإدراك الذاتي فهو يستجيب للتطورات التي
تطرأ في بيئة عمله[4].
ثالثاً:
أن منح الشخصية القانونية للوكيل الذكي يعالج المشاكل القانونية التي تنشئ عن
إبرام عقد إلكتروني باستخدامه، حيث إن الرضا في هذه الحالة يكون رضا الوكيل الذكي
والطرف الذي تعامل معه أو الصادر عن وكيلين ذكيين معاً، كما أن ذلك يؤدي إلى تطابق
الإيجاب والقبول، إلى جانب علم كل من المتعاقدين - الطرفين المتعاقدين - بشروط
العقد وتاريخه.[5]
رابعاً:
أن منح الشخصية القانونية للوكيل الذكي يوفر تأميناً حقيقياً للمستخدم
"الأصيل"، حيث يكون الوكيل الإلكتروني هو المسؤول عما يصدر عنه من خطأ
أو ضرر فيتحمل عندئذ نتيجة تصرفاته بنفسه، وهو الأمر الذي يعزز الثقة والطمأنينة
في التعامل معه، ويشجع على استخدامه للتعاقد في رحاب التجارة الإلكترونية، لكون
مستخدمه يكون خاليا من المسؤولية نتيجة ما قد يرتكبه هذا الوكيل من أضرار وأخطاء، فهذا المستخدم
"الأصيل" يكون خاليا من المسؤولية[6].
وضمن
هذا الاتجاه المنادي بإعطاء الوكيل الذكي الشخصية القانونية، يرى جانب منهم أنه
يتوجب على أقل تقدير منح الشخصية القانونية التابعة لشخص قانوني آخر، أي ليس منحه
الشخصية القانونية التامة "المستقلة"، من منطلق أن الشخصية
القانونية تقسم إلى مستقلة وأخرى تابعة أو تحت وصاية شخص قانوني آخر، بحيث تكون
الشخصية الأولى للشخص العاقل البالغ المؤهل لإتيان التصرفات القانونية بنفسه
وممارسة كافة حقوقه وتحمل كافة التزاماته، في حين أن الشخصية القانونية الثانية -
التابعة - تكون لشخص غير كامل الأهلية من قبيل القاصر الذي لا يمكنه إتيان كافة
التصرفات باسمه لكونه لا يتمتع بالأهلية الكاملة وإنما أهلية ناقصة. ومن ثم، فإنه
لا يوجد ما يمنع من تمتع الوكيل الذكي بالشخصية القانونية التابعة التي تعمل تحت
وصاية المستخدم[7].
كما
ويجادل هذا الاتجاه الذي يمنح الشخصية
القانونية للوكيل الذكي – سواء أكانت
مستقلة أم تابعة - إلى مفهوم الخلق القانوني،
الذي تقوم عليه نظرية الحيلة أو الافتراض،
التي ترى أن الشخصية المعنوية ما هي إلا
افتراض قانوني يخالف الحقيقة والواقع فهو
كائن كيان خيالي خلقته إرادة المشرع ومنحته
الشخصية القانونية بالافتراض والحيلة، بحيث يشير الافتراض إلى تلك العملية الفنية
القائمة على استبدال فكر أو اعتقاد بواقع أو بشيء أو بشخص ما، وذلك بوضعه عمداً
ضمن الفئة القانونية غير المناسبة من أجل تحقيق استفادة عملية لاسيما في هذه
الفئة، فالأصل أن لا تمنح الكيانات من غير البشر الشخصية القانونية المعنوية، ولكن
تم الاحتيال على هذا الأصل لتحقيق ميزات عملية وبالتالي أنشئ القانون أشخاصاً
قانونية مصطنعة وأقر لها بالحقوق التي كان قد أقرها للأشخاص الطبيعية، فأوجد
الشخصية الاعتبارية.
وعلى
نقيض هذه النظرية، ظهرت نظرية الحقيقة التي ترى أن إنشاء الشخصية المعنوية ليست
تحايلاً من القانون لكون القانون وجد لينظم العلاقات وليس ليخلقها، فإن كان
القانون نظم الشخص الاعتباري ذلك لأن هذا الشخص موجود في الواقع كحقيقة وأن كل ما
فعله القانون هو أنه نظم نشاطها فهو لم يفترض وجودها، فالشخص المعنوي كالطبيعي شخص
حقيقي لكنه يختلف عن الشخص الطبيعي بعدم الوجود المادي إذ إن وجوده معنوي.
وبالتالي
تعد كل من النظريتين - نظرية الافتراض ونظرية الحقيقة مدخلاً يعتد به الاتجاه
الفقهي الرامي إلى إعطاء الوكيل الشخصية القانونية، حيث إن تم الأخذ بنظرية
الافتراض، فإنه كما افترض المشرع وجود الشخص المعنوي فإن بإمكانه افتراض الوجود
القانوني للوكيل الذكي، أما إن تم الأخذ بنظرية الحقيقة، فقد بات الوكيل الذكي
حقيقة فعلية، فالقانون لم يخلقه، بل هو موجود بالأساس، لذا ما على
القانون إلى الاعتراف به کشخص قانوني موجود. وعلى ذلك، يظهر أن هذا الاتجاه
الفقهي لا يرى ما يمنع من إعطاء الوكيل الذكي الشخصية القانونية، ويقدم حججه التي
تدور حول أن لهذا الوكيل من الخصائص ما يجعله يتمثل بالإنسان، وأن الحاجة والضرورة
العملية تستدعي الاعتراف بالشخصية القانونية للوكيل الذكي، وأن منح الشخصية
القانونية للوكيل الذكي يحل المشاكل القانونية التي تنشئ عن إبرام عقد الكتروني
باستخدامه، وتجعل الوكيل الذكي مسؤولاً عن تصرفاته، عوضاً عن إثارة مسؤولية
مستخدمه، وكل ذلك يعزز ثقة بالمعاملات الإلكترونية التي تجري في البيئة الرقمية
على أننا نرى أن تلك الحجج يشوبها نوع من المبالغة أو الخيال أو عدم الكفاية لمنح
الشخصية القانونية للوكيل الذكي، فمن جانب أول نرى أنه يجب التفرقة بين الشخصية
القانونية عن الأهلية القانونية، فصحيح أن القاصر لا يتمتع بأهلية قانونية كاملة
إلا أنه يتمتع بشخصية قانونية[8]، وبالتالي فإن القول بمنح الشخصية القانونية
للوكيل الذكي لا يعني أهليته القانونية الكاملة التي تعد شرطاً أساسياً لصحة
التعاقد، وفي هذا نظم المشرع المغربي الأهلية بنوعيها من 206 إلى 228. نصت المادة 206 على أن الأهلية نوعان: أهلية
وجوب وأهلية أداء[9].
ومن ثم
يظهر أن القاصر غير المميز لا يتمتع بأهلية التعاقد، وأن القاصر المميز تكون
تصرفاته النافعة صحيحة أما تصرفاته الضارة تكون باطلة[10]، وعليه، إن تم عد الوكيل الذكي قاصراً غير مميز
فلا يحق له التعاقد لكونه يكون غير أهلاً له، أما وإن تم عده قاصر مميز فتكون
تصرفاته الضارة باطلة، وفي الواقع العملي فإن هذا الوكيل من المحتمل أن يأتي
بتصرفات ضارة بمستخدمه، وبالتالي تكون تلك التصرفات باطلة، وهو الأمر الذي لا يمكن
إعماله في التجارة الإلكترونية، لكونه لا يحمي مصالح المتعاقد الآخر، فهذا
المتعاقد يحتاج إلى التعاقد مع طرف كامل الأهلية قادر على التعاقد في كل الأحوال،
حتى لا يبطل التعاقد وإن كان هذا التعاقد لا يصب في مصلحة الطرف الآخر، لأن
التعاقد مع شخص كامل الأهلية نراه يحمي ويعزز ثبات العلاقات التعاقدية، فليس ذنب
التاجر المتعاقد الآخر" مع مستخدم الذكي أن يكون رهينة آثار العقد. فإن كان
يخدم مصالح مستخدم الوكيل فيتم إعماله، وإن كان لا يخدم مصالح مستخدم
الوكيل فيتم إبطاله. ومن جانب ثان، فإن القول بأن الوكيل الذكي ذو خصائص ذكية
تحاكي ذكاء البشر وأنه تبعاً لها مؤهل بحمل الشخصية القانونية وأن ذلك سيؤدي إلى
معالجة المشاكل القانونية التي تنشئ عن إبرام عقد إلكتروني باستخدامه فإننا نرى أن
ذكاء هذا الوكيل لا يمكن تحديد درجته، فمثلاً ما هي درجة استقلالية الوكيل وما
درجة المبادرة وما درجة التعلم... الخ، ومن الجهة المخولة بقياس درجة الذكاء، وهل
هذا الذكاء معصوم من الخطأ؟، فهذه تساؤلات تبقى بحاجة إلى إجابة، إذ إن القول بأن
ذكاء الوكيل الذكي يحاكي ذكاء البشر مردود لأن ذكاء البشر يمكن قياسه وتحديد درجته
وتمييز البشر عن بعضهم البعض في درجة ذكائهم، بل أن هناك حالات مرضية في الذكاء إن
تجاوزت أو قلت عن المستويات التي يحددها علماء النفس وغيرهم من المتخصصين،
وبالتالي إن مفهوم الذكاء لدى الوكيل الذكي مسألة لا يمكن الاعتداد بها. ومن جانب
آخر، فإن الوكيل الذكي لا يتمتع بالوعي والإدراك الذاتي حتى وإن قيل بذلك، فهو
يبقى - أي الوكيل أسيراً لتوجهات مستخدمه، فالوكيل لا يستشعر مثلاً حاجة مستخدمه
فيبادر بنفسه بالتعاقد ليلبي تلك الحاجة، بل أن الوكيل الذكي يبقى برنامجاً
الكترونياً يعمل عند الأمر له بذلك وتزويده بالمعلومات المطلوبة من المستخدم، كما
أن الرضا الصادر عن الوكيل الذكي يعكس رضا مستخدمه وليس رضا الوكيل الذكي،
وبالتالي فإن ذلك لا يؤدي إلى معالجة مشكلات التعاقد التي قد تنشأ عن الرضا.
وعموماً، فإن الحجج التي أبرزها الاتجاه المنادي لمنح الشخصية القانونية للوكيل
الذكي لم تمنع الاتجاه الرافض لمنح الشخصية القانونية للوكيل الذكي من الإصرار على
موقفه، وتقديم الحجج التي تدعمه، والتي تعد حججاً قوية يمكن الاعتداد بها بما
يُسقط حجج التجاه السابق[11].
الفرع الثاني:
الاتجاه الفقهي المعارض لمنح الشخصية القانونية للوكيل الذكي
يرى هذا الاتجاه أن
الوكيل الذكي لا يمكن منحه الشخصية القانوني، لأنه مجرد وسيلة اتصال بيد المستخدم
شأنه في ذلك شأن الهاتف أو الفاكس أو تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، ذلك
أن الإرادة الموجودة للوكيل الذكي هي بالأصل ذات الإرادة الصادرة عن المستخدم، وأن
لولا هذه الإرادة للمستخدم لما برمج الوكيل الإلكتروني للرد أو لإبرام التصرف
القانوني، فنية التعاقد للوكيل الذكي توجد بمجرد توظيف هذا الوكيل للقيام بمهامه
أو القيام بإبداء الإيجاب أو القبول بحسب
واقع الحال[12]،
فمستخدم الوكيل الذكي قد التزم ضمنياً بكل ما سيصدر عن الوكيل من تصرفات، فدور هذا
الوكيل يتمثل فقط في نقل إرادة مستخدمه وإيصالها إلى الطرف المتعاقد الآخر، وفي
هذا الصدد أوجد "ويدسون و آلين"
( allen Widsson
and ) فكرة الخيال القانوني التي ترى أن كل التصرفات الصادرة عن الوكيل
الذكي وما قد ينتج عنها من صفقات تنسب إلى المستخدم فيلتزم بها ويتحمل تبعتها ولو
أنه كان لا يعلم بها أو لا يعلم بشروط انعقادها، فالإرادة المعتبرة تكون هي إرادة
المستخدم الذي يتصرف الوكيل الذكي وفقاً لأوامره، إذ يجب الربط بين التصرف الذي
يصدر عن هذه الآلة "الوكيل الذكي" والإرادة الصادرة عن مستخدمه الإنسان
ومن جانب آخر، فإن عد الوكيل الذكي وسيلة اتصال يعد أكثر الحلول سهولة في التطبيق.
ويجعل المستخدم له أكثر حرصاً
على ضبط التصرفات التي سيأتيها هذا الوكيل لكونها في الأخير سوف تنسب للمستخدم،
ومن ثم سيكون هذا الأخير أكثر حرصاً ودقة في رفد الوكيل الذكي بالمعطيات التي
يحتاجها لبدء عمله، كما وأن ذلك أي عد الوكيل الذكي كوسيلة اتصال يوفر ضماناً أكبر للطرف الآخر " الثالث"
المتعامل مع الوكيل الذكي، بحيث يدفعه ذلك للتعاقد بثقة أكبر دون خوف في حال وقوع
أي ضرر من الوكيل الذكي، لأن مستخدمه سيكون هو المسؤول عن ذلك الضرر ، فيستطيع
الطرف الثالث عند مقاضاته[13].
كما ويسرد هذا الاتجاه الرافض
لإعطاء الوكيل الذكي الشخصية القانونية عددا من الحجج الأخرى لعل أبرزها ما يلي:
أنه رغم تمتع الوكيل الذكي ببعض الخصائص كالاستقلالية والذكاء لأداء عمله، إلا أنه
لا يتمتع بالوعي والإدراك الذاتي على النحو الكافي.
إن التقنيين ما يزالون يواجهون
إشكالاً حقيقياً بشأن تحديد طبيعة الوكيل الذكي من الناحية التقنية، فهل يتبع
معدات الكمبيوتر (Hardware) أم
برمجيات الكمبيوتر (Software)، كما
وأن للوكيل الذكي القدرة على نسخ نفسه وتوكيل غيره من الوكلاء الأذكياء للقيام
بالمهام المطلوبة منه بشكل كلي أو جزئي، بحيث لا يستطيع المستخدم الأصيل وكيله
الأساسي الذي طلب منه تأدية المهمة، فمن هو ذلك الوكيل الذي أبرم العقد، ومن يتحمل
المسؤولية عند وقوع الضرر؟ وعليه، فإنه نظراً لغياب القدرة على تحديد ذلك فإنه لا
يمكن منح الوكيل الذكي الشخصية القانونية التي تتطلب أن تكون معلومة غير مجهولة.
أن الوكيل الذكي بلا وطن، وغياب
الهوية حيث إن من آثار منح الشخصية القانونية للشخص هو وجوب أن يكون له وطن، الأمر
الذي يتعارض مع حال الوكيل الذكي الموجود على شبكة الانترنت العالمية، فأين موطنه؟
عدم إمكانية تطبيق العقوبات
الجنائية على الوكيل الذكي، كالحبس، وهو ما يعارض فكرة منحه للشخصية القانونية،
لأن تلك الشخصية من الواجب أن تكون قابلة للتقاضي[14] وعلى
الرغم من الانتقادات التي وجهت لهذا الاتجاه، من قبيل:
أولاً: أنه يتجاهل الدور الرقابي
المحدود لمستخدم الوكيل الذكي الذي يتسم بالاستقلالية والمبادرة وأداء مهامه دون
رقابة أو مراجعه من قبل مستخدمه.
ثانياً: أن عد الوكيل الذكي مجرد أداة اتصال
سيؤدي إلى تحميل المستخدم النتائج المترتبة على الأخطاء الفنية والتقنية التي قد
تصيب الوكيل الذكي والتي لا علاقة للمستخدم فيها، وبالتالي فمن غير المنطقي ولا
المقبول أن يُسأل المستخدم عن كل ما ليس له علاقة به إلا أن هذا الاتجاه يرد على
هذه الانتقادات بما يلي:
أن يمكن سد ذريعة عدم رقابة
المستخدم على سلوكيات الوكيل الذكي، بالقول أن على المستخدم أن يعمل على أساس ذلك
منذ البداية وأن يوافق عليه، لكي يخرج من ضنينة عدم علمه وعدم رقابته على سلوكيات
وكيله الذكي، ويكون ذلك من خلال تبني فكرة الإعلان عن الإرادة على بياض والتظهير
على بياض المطبقتين في الأوراق التجارية، ففكرة ذلك أن الشخص المستخدم للوكيل يحدد
له الإطار العام للتعاقد تاركاً لهذا الوكيل بمقتضى ذلك الإطار وبهذا التفويض
الصادر من المستخدم، بحيث يكون هذا الأخير بمثابة شخص وقع وفوض على بياض، أي أعلن
عن إرادة مسبقة أنه ملتزم بكل ما يصدر عن الوكيل ولو بدون الرجوع إليه.
أما بخصوص النقد المتعلق بتحميل
المستخدم نتائج الأخطاء التقنية التي قد يقع بها الوكيل، فقد تم الرد عليه بالقول
إنه من المنطق أن يتحمل المستخدم ذلك، ويمكنه أن يرجع على الشركة مصممة برنامج
الوكيل الذكي عن هذه الأخطار، ولا يكون من المألوف والمنطق تحميل الطرف الآخر
نتائج تلك الأفعال لكونه بدوره أيضا لم
يخطأ،[15] ورغم
أهمية كل تلك الحجج التي يقدمها هذا الاتجاه المناهض لفكرة إعطاء الشخصية
القانونية للوكيل الذكي، إلا أنه يقدم حجة أكثر أهمية، ألا وهي غياب الذمة المالية
لذلك الوكيل، واستحالة بنائها له.
إذ إنه إلى جانب شرط الأهلية لإضفاء الشخصية
القانونية للشخص، فإن هناك شرطا رئيسيا آخر لها ألا هو الذمة المالية فالمشكلة
الحقيقية التي يتوجب على الفقه والقانون معالجتها للحديث عن الشخصية القانونية
للوكيل الذكي، تتمثل في كيفية خلق ذمة مالية مستقلة لهذا الوكيل، لتمكنه من تحمل
المسؤولية بمفرده بالفصل بينه وبين مستخدمه من الناحية المالية، فصلاً يحمي
المستخدم من تجاوزات الوكيل الذكي ومع حفظ حقوق الطرف الثالث المتعاقد معه، وعلى
الرغم من اجتهادات بعض الفقهاء لحل هذه المشكلة، كان هناك مقترح فتح
حساب بنكي للوكيل الذكي لضمان الوفاء بالتزاماته، كما واقترح وجوب أن ينتبه المتعاقد مع الوكيل الذكي إلى
مدى كفاية هذا المبلغ المودع للوفاء بالتزاماته الناجمة عن العملية التي يقوم بها
هذا الوكيل إلا أن الاتجاه الرافض لمنح الشخصية القانونية للوكيل الذكي، يرى أنه
هذا الاقتراح فعلياً لا يحل مشكلة الطرف الذي يتحمل المسؤولية المالية عن أخطاء
الوكيل الإلكتروني لأن التساؤل يثار حولها عمن له صلاحية فتح ذلك الحساب البنكي
للوكيل الذكي؟ فإن كان الجواب هو المستخدم، فإن ذلك يعني أنه ما يزال الطرف الذي
يتحمل المسؤولية، وإن كان الجواب غيره أي غير المستخدم فيتوجب بيان ذلك الغير، مع
بيان كيف سيوفر هذا المقترح الحماية القانونية لكل أطراف العملية التعاقدية من
تجاوزات الوكيل الذكي، وهي مسائل لا يمكن معالجتها، وبالتالي، يبقى شرط غياب الذمة
المالية لهذا الوكيل مشكلة تمنع منحه الشخصية القانونية؛ ولو كانت شخصية اعتبارية،
فهذه الأخيرة أيضا غير مقبولة للوكيل الذكي لكونه ليس مجموعة من الأموال ولا
مجموعة من الأشخاص، لذا، تبقى مسألة الذمة المالية بمثابة جوهر الإشكال الذي يحول
دون منح الوكيل الذكي للشخصية القانونية[16]، ومن
ذلك، يظهر أن تصرفات الوكيل الذكي وآثارها تثير الكثير من الإشكاليات التي تحول
دون منح هذا الوكيل للشخصية القانونية، هذا الشخصية التي إن منحت له سيتحول إلى
طرف معترف به قانوناً سيمكن التعاقد معه وليس فقط التعاقد من خلاله على أننا نرى
أنه من غير الجائز تمثيل الوكيل الذكي بوسائل الاتصال الأخرى، كالهاتف المحمول، أو
التطبيقات الإلكترونية للتواصل الاجتماعي من قبيل الواتساب والفيسبوك وغيرها،
فالوكيل الذكي؛ وإن كان عبارة عن تطبيق الكتروني، إلا أنه يفوق غيره من التطبيقات
الإلكترونية الأخرى بالعديد من الخصائص التي تجعله أقرب للذكاء البشري منه إلى تلك
التطبيقات وبالتالي يتوجب على التشريع عدم إنكار ذلك بل يجدر به الذهاب لإعطائه
طبيعة قانونية تميزه عن غيره من التطبيقات الإلكترونية.
كما وأننا نرى أن بعض الحجج التي قدمها هذا
الاتجاه الرافض لمنح الشخصية القانونية للوكيل الذكي يمكن معالجتها عملياً، فمثلاً
أن الادعاء بغياب مكان الوكيل الذكي يمكن الرد عليه بالقول أن مكانه يمكن أن يحدد
بمكان مستخدمه أو بمكان المتعاقد الآخر أو بمكان مصنع الوكيل الذكي "الشركة
المصممة له". كما وأن الادعاء بالقول إنه لا يمكن مقاضاة الوكيل الذكي، فيمكن
الرد عليه بالقول إن يمكن مقاضاة الشركة المصنعة له لو تبين أن الضرر الذي أصاب
أحد طرفي التعاقد جاء نتيجة خطأ تقني في الوكيل الذكي.
أما عن مشكلة غياب الذمة المالية
للوكيل الذكي، فيمكن الرد عليها بالقول إن البشر لن يخلو من الفطنة والفكر
والوسيلة التي يمكن ولو بعد حين من إيجاد ذمة مالية للوكيل الذكي من قبيل ربط
الوكلاء الأذكياء بجهات معنوية خاصة أو إيجاد جهات معنوية خاصة يقع على عاتقها
تنظيم أعمال الوكلاء الأذكياء، ويكون لهذه الجهة إيرادات من أعمال وكلائها
الأذكياء تتأتى على سبيل المثال من أخذ اشتراكات أو عمولات من المستخدمين لهؤلاء
الوكلاء الأذكياء، وبالتالي بناء ذمة مالية لتلك الجهة يمكن الرجوع إليها.
المطلب الثاني:
الموقف التشريعي من الطبيعة القانونية للوكيل الذكي
تقر غالبية التشريعات بصحة
العقود المبرمة من خلال الوسائل الإلكترونية بما فيها تلك العقود التي تبرم من
خلال الوكيل الذكي، سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين الأول سنتحدث فيه عن تكييف
الوكيل الذكي بأنه وسيلة اتصال والفرع الثاني للحديث عن محاولة إضفاء الشخصية
القانونية للوكيل الذكي.
الفرع الأول: تكييف
الوكيل الذكي على أنه مجرد وسيلة اتصال تنقل إرادة مستخدمها
باستقرار العديد من الدراسات
المتخصصة بهذا الموضوع كدراسة، نجدها لم تتناول أي نص تشريعي دولي أو وطني أجنبي
أو وطني عربي كمثال على الأنظمة القانونية التي تقر للوكيل الذكي بالشخصية
القانونية، فجميع تلك الدراسات تتفق في نتائجها على أن التشريع المقارن يكيف الوكيل
الذكي قانوناً بأنه مجرد وسيلة اتصال لا أكثر[17].
نعرض فيما يلي نصوص بعض أبرز تلك
التشريعات على النحو الآتي: نصت المادة (12) من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود
الدولية لعام 2005 على: "لا يجوز إنكار أو إمكانية نفاذ العقد الذي يتم
بالتفاعل بين نظام رسائل آلي وشخص طبيعي أو بالتفاعل بين نظامي رسائل آليين لمجرد
عدم مراجعة شخص طبيعي الأفعال التي قامت بها نظم الرسائل الآلية أو العقد الناتج
عن تلك الأفعال أو تدخلت فيها. يتضح من هذا النص أن هذه الاتفاقية قد أقرت بصحة
العقد المبرم من خلال نظام رسائل آلي والذي هو الوكيل الذكي كما تبين سابقاً أو
بين نظامي رسائل آليين، وذلك حتى لو كان هذا النظام
يعمل بشكل مستقل عن المستخدم ودون رقابته، بمعنى آخر أنه وفق هذه المادة فإنه
العقد المبرم بين طرفين بوساطة الوكيل الذكي هو عقد صحيح. أما عن مدى صحة التعاقد
مع الوكيل الذكي بمعنى مدى صحة التعاقد بين المستخدم والوكيل الذكي؟، فهل يجوز التعاقد
بينهما، هل يكتسب الوكيل الذكي الشخصية القانونية التي تؤهله لذلك التعاقد وفق هذه
الاتفاقية؟ في الحقيقة فإنه بالرجوع إلى الأعمال التحضيرية المتعلقة بنص
المادة (12) لهذه الاتفاقية
يتبين فيها ما يلي:
أن
الشخص الذي يعمل هذا البرنامج "الوكيل الذكي" نيابة عنه سواء أكان شخصاً
طبيعياً أم اعتبارياً، فإنه يتحمل المسؤولية تماماً عن التصرفات التي يأتها.
أن
الرسائل الآلية التي تعمل بالنيابة عن مستخدمها ودون تدخله لا يمكن بأي حال من
الأحوال أن تتحمل التزامات قانونية أو أن تكتسب حقوقاً، وعندما تقوم هذه الرسائل
بإبرام تصرف ما، فإنه يعد كأنه صادر عن الشخص الذي تعمل تلك الرسائل بالنيابة [18]ومن ذلك يظهر أن هذه الاتفاقية للأمم المتحدة لا
تعترف للوكيل الذكي بالشخصية القانونية، فهذا الوكيل مجرد وسيلة اتصال وبالتالي لا
يجوز أن يتم التعاقد مع الوكيل الذكي كشخص قانوني، فهذه الاتفاقية تعترف فقط بصحة
التعاقد الذي يتم عبر ـ من خلال ـ الوكيل الذكي لكون هذا
الوكيل مجرد وسيلة ينقل إرادة طرفي التعاقد فقط وهو الموقف الذي أكده قانون
الأونستيرال النموذجي للتجارة الإلكترونية لعام 1996، إذ إن هذا القانون بداية
يستثني الوسيط الإلكتروني من مفهومها للشخص المنشئ الرسالة البيانات، حيث نصت المادة
(2/ ج) منه في تعريفها المنشئ رسالة البيانات بأنه: "الشخص الذي يعتبر أن
إرسال أو إنشاء البيانات قبل تخزينها - إن حدث قد تم على يده أو نيابة عنه، ولكنه
لا يشمل الشخص الذي يتصرف كوسيط فيما يتعلق بهذه الرسالة". كما وأن المادة
(2/13/ب) تحدد صراحة الشخص الذي تنسب إليه رسائل البيانات بنصها على: "في
العلاقة بين المنشئ والمرسل إليه، تعد رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشئ إذا
أرسلت من نظام معلومات مبرمج على يد المنشئ أو نيابة عنه تلقائيا.
فهذا
يدل على أن هذا القانون لا يعترف للوكيل الذكي - كأحد نظم المعلومات المبرمجة -
بالشخصية القانونية، فهو فقط مجرد وسيلة اتصال تستخدم لتبادل البيانات
بين طرفي التعاقد.
أما على
مستوى التشريعات الأجنبية، فيكفي الإشارة إلى موقف المشرع الأمريكي - صاحب الريادة
في العمل بتقنيات الوكيل الذكي كما أسلفنا - فقد نصت المادة (107/د) من القانون
الأمريكي الموحد بشأن صفقات معلومات الحاسوب (UCITA)
لعام 2002 على:
أن
الشخص المستخدم للوكيل الذكي لعمل توثيق أو أداة
التزام أو اتفاق بما في ذلك إظهار الموافقة، ملزم بعمليات
الوكيل الذكي حتى ولو لم يكن هو أو أي شخص آخر على علم أو قام بمراجعة عمليات
الوكيل الذكي أو نتائج العمليات التي قام بها". كما وأن المادة (101هـ) من
القانون الأمريكي بشأن التوقيع الإلكتروني (E-sign)
نصت على: "أن العقد لا ينكر أثره القانوني، صحته أو تنفيذه فقط لأن تكوينه
وإنشاءه أو تسليمه يتضمن فعل وكيل ذكي أو أكثر، طالما أن هذا الفعل ينسب قانوناً
إلى المستخدم. وبالتالي يظهر أن موقف المشرع الأمريكي تجاه الوكيل الذكي يتمثل بعد
هذا الوكيل مجرد وسيلة اتصال لا ترتقي إلى مستوى الشخصية
القانونية.
وعلى
مستوى التشريعات الوطنية العربية فهي أيضاً لا تعترف بالشخصية القانونية للوكيل
الذكي، فهي تكيفه على أنه من قبيل وسيلة الاتصال، ووفقاً أيضاً للعديد من الدراسات
القانونية المتخصصة بهذا الشأن، فتلك الدراسات لم تتناول أي نص قانوني عربي يفيد
منح الشخصية القانونية للوكيل الذكي كدراسة شريف غنام سنة 2010، وكردي إبراهيم سنة
2017. فعلى سبيل المثال: نصت المادة (12) من قانون
المعاملات الإلكترونية البحريني رقم (28) لسنة 2002 على:
يجوز أن
يتم إبرام العقود بين فرد ووكيل الكتروني، كما يجوز أن يتم ذلك بين وكلاء
الكترونيين.
تكون
المعاملة الإلكترونية بين الفرد والوكيل الإلكتروني قابلة للإبطال بناء
على طلب الفرد إذا تحققت الشروط الآتية:
وقوع
الفرد في خطأ مادي في أي سجل إلكتروني أو في أي معلومات الكترونية تم استعمالها في
المعاملة أو كانت جزءاً منها.
عدم
إتاحة الوكيل الإلكتروني الفرصة للفرد لتلافي وقوع الخطأ أو تصحيحه.
قيام
الفرد فور اكتشافه الخطأ بإبلاغ الطرف الآخر به دون إبطاء.
تنصرف
كلمة "الفرد" في هذه المادة إلى الفرد الذي يعمل لحساب نفسه أو لحساب
شخص آخر سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً.
ومن ثم،
يظهر من هذا النص أن المشرع البحريني وإن كان قد اعترف بصحة التعاقد عبر الوكيل
الإلكتروني، فهو يبقي الحق للمنشئ "المستخدم للوكيل الذكي تصويب ما قد يقع به
من أخطاء، لكونه بذلك يشير إلى أن ذلك المستخدم ستؤول إليه نتائج تصرفاته أو
تصرفات وكيله الإلكتروني، لذا أعطى المشرع للمستخدم الحق في تصويب الأخطاء كما
أعطاه الحق في أن يُبطل العقد إن لم يتيح له الوكيل الإلكتروني الفرصة الكافية
لتلافي وقوع الخطأ أو تصحيحه، فذلك دليل على أن هذا المشرع يؤاخذ المستخدم عن
تصرفات وكيله الذكي، ويوجب على هذا الوكيل أن يكون مرناً ليمكن المستخدم من تلافي
الأخطاء أو تصحيحه، فإن لم يمكنه ذلك الوكيل من ذلك فإن العقد الذي يبرمه هذا
الوكيل يكون باطلاً كما وأن الفقرة (2/ ج) تؤكد أن التعاقد الإلكتروني بالأساس هو
تعاقد بين المستخدم والطرف الآخر، فالوكيل هنا مجرد وسيلة اتصال بينهما، حيث إن
هذه الفقرة تؤكد أن الطرف الاخر في حالة وقوع الخطأ سوف يرجع
إلى المستخدم وليس إلى الوكيل الذكي، لذا أوجبت هذه الفقرة على المستخدم إبلاغ
الطرف الآخر بما صدر من أخطاء، فهذا الإبلاغ من المستخدم للطرف الآخر يشير إلى أن
المستخدم يعلم أنه هو المسؤول عن تلك الأخطاء وليس الوكيل الذكي كما أن
الفصل 19 من ق ل ع المغربي "لا يثم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين عل العناصر
الأساسية للالتزام وعلى باقي العناصر المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان
أساسية"[19] وفي حالة أقدم المتعاقدان فور إبرامهما اتفاقا
ما، على إجراء تعديلات على هذا الاتفاق، فإنه لا يعتبر عقدا جديدا قائما بذاته جاء
معدلا لعقد سابق، بل يعتبر جزءا من العقد القديم ما لم يصرح الأطراف بعكس ذلك.
وبالنسبة
للتعاقدات التي تتم عبر الوكيل الذكي، فقد أقرها أيضاً المشرع الكويتي بنص المادة
(8) من ذات القانون حين نصت على: أنه يجوز التعاقد بين نظم الكترونية مؤتمتة
متضمنة نظامي بيانات الكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقاً بمثل هذه
المهمات، ويقع التعاقد صحيحاً ونافذاً ومنتجاً لأثاره القانونية متى تحققت شرائطه
ومتى أدت تلك النظم وظائفها على الشكل المطلوب على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو
المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد، كما يجوز أن يتم التصرف القانوني بين
نظام الكتروني يعود إلى شخص طبيعي أو معنوي وبين شخص طبيعي إذا كان الأخير يعلم أو
من المفترض أن يعلم أن ذلك النظام سيتولى مهمة إتمام التصرف القانوني". فمن
هذا النص يتضح جواز إبرام التعاقد من خلال الوكيل الذكي رغم عدم تدخل مباشر من
مستخدمه، كما ويجوز أن يتعاقد الوكيل الذكي بالنيابة عن مستخدمة مع الطرف الآخر
على أن السؤال عن مدى تمتع هذا الوكيل الذكي بالشخصية القانونية التي تؤهله لأن
يكون مسؤولاً عن تصرفاته، وليس مستخدمه هو المسؤول، فإن المادة
(11) من هذا القانون الكويتي تجيب عليه. حيث نصت المادة (11) من
قانون المعاملات الإلكترونية الكويتي رقم (20) لسنة 2014 على: بعد المستند أو
السجل الإلكتروني صادراً عن المنشئ سواء صدر منه شخصياً أو من الغير لحسابه عن
طريق نظام إلكتروني معد للعمل تلقائياً بواسطة المنشئ أو بالنيابة
عنه". ومن هذا النص يتضح أن الوكيل الذكي يعبر عن إرادة مستخدمه "المنشئ"،
فهذا الوكيل لا يعبر عن إرادته الذاتية، ومن ثم، يظهر أن المشرع الكويتي لا يمنح
الشخصية القانونية للوكيل الذكي، فهذا الوكيل من وجهة نظر المشرع الكويتي
مجرد وسيلة اتصال أما في التشريع الأردني، فقد جاء في المادة (9) من
قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم (15) لسنة 2015، ما يلي: تعتبر رسالة
المعلومات وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانوناً لإبداء الإيجاب أو
القبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي.
ومن كل
ذلك، يظهر أن التشريعات المقارنة الدولية والوطنية الأجنبية والعربية لا تمنح
الشخصية القانونية للوكيل الذكي وإنما تكيفه على أنه مجرد وسيلة اتصال تنقل إرادة
مستخدمها، بحيث إن هؤلاء المستخدمين للوكيل الذكي هم الذين يساءلون قانونياً عن
تصرفات الوكيل الذكي، لكونه يعكس تصرفاتهم[20].
الفرع الثاني: محاولة إضفاء الشخصية القانونية عل الوكيل
الذكي
ليس
هناك ما يمنع من اعتبار أجهزة الكمبيوتر أو بالأحرى العملاء الالكترونين كأشخاص،
ولكن هل ثمة من سبب إيجابي لإضفاء الشخصية القانونية على أجهزة الكمبيوتر أو
العملاء الإلكترونيين؟ لقد حاول جانب من الفقه دعم هذا التوجه بمجموعة من اعتبارات
معنوية واجتماعية.
الاعتبارات المعنوية: العميل الالكتروني يتمتع
بوعي ذاتي وإرادة مستقلة تعترف الشخصية القانونية للشخص، في بعض الحالات، بحق أو
استحقاق معنوي على حقوق أو مصالح متميزة عن حقوق ومصالح غيره لذلك نجد
أن جميع الأفراد أشخاص قانونيين، لأنه من دون شخصية قانونية، لن تكون حقوقهم
ومصالحهم محمية حال تضاربها مع حقوق ومصالح الأشخاص الآخرين. يرى بعض الفقهاء، أن
لأي كيان يمتلك خصائص مشتركة مع الأشخاص الطبيعيين، الحق المعنوي في الحماية
القانونية، ولن يكون هذا مضمونا إلا من خلال إضفاء الشخصية القانونية عليه، فقد
قيل على سبيل المثال، أنه ينبغي أن يثبت للحيتان الحق في الحياة لأنهم أذكياء
وواعيين بمعاناتهم.
مدت [21]Lawrence Solum (1992) هذه الحجة إلى الذكاء الاصطناعي، فبالنسبة لـ Solum، يحق معنويا لكل نظام يتمتع بالوعي الذاتي أن يعامل كشخص قانوني،
وكون الوعي الذاتي غير ناتج عن العمليات البيولوجية لا ينبغي أن يؤدي الى استبعاد
الشخصية القانونية.
إن
اقتراح الاعتراف بالعميل الذكي على هذا النحو ليس غريبا في الواقع، فتاريخ
إنسانيتنا ثري بسوابق بالغة الأهمية، تمخضت عن مناقشات جد حيوية، بل وحتى حماسية
ترتبط ارتباطا مباشرا بمسألة الاعتراف بالشخصية القانونية، أكان ذلك للبشر ام
لأشياء جامدة استبعدها القانون لفترة طويلة.
ويقوم
السند المعنوي في تأييد منح العميل الالكتروني الشخصية القانونية على فكرة مفادها
ان اي كيان يتمتع بوعي ذاتي وارادة مستقلة يكون اهلا للتمتع بالشخصية القانونية[22]. والعميل الالكتروني يتمتع بالوعي والارادة
كونه قادر على العمل باستقلالية ودون تدخل بشري، بل ان علم الذكاء الاصطناعي كله
يهدف الى أتمتة النشاطات المتعلقة بالتفكير البشري مثل صنع
القرار، حل مشاكل التعلم وبالتالي دراسة الحسابات التي تجعل
عمليات الإدراك التفكير والتصرف ممكنة، فينطوي
معيار الحق المعنوي في الشخصية القانونية على الوعي أو الادراك المؤتمت الذي يتمتع
به العميل الالكتروني ، ويستند اصحابه بالتالي إلى منهج نمذجة الإدراك (تطوير
أنظمة تفكر مثل البشر The
Cognitive Modelling Approach)[23]
ويؤكد
الفقه على استقلال العميل الالكتروني وتمتعه بالوعي من خلال المثل والدلالة،
فبرنامج [24]Deep Blue كما رأينا قد تمكن من
التغلب على بطل العالم في لعبة الشطرنج خلال مباراة استمرت أكثر من ساعة من الزمن.
فحتى وان تمت برمجة العميل الالكتروني وفق شروط
اللعبة إلا انه استقل في لعب المباراة، وكانت نقلاته فيها مبنية على وعيه الذاتي
لنقلات خصمه وما يتبع وعيه من ارادة لإجراء النقلة المقابلة.
ومن جهة
اخرى، فلقد استند مؤيدو الشخصية القانونية للعميل الالكتروني الى الجدل الفقهي
القائم حول الموت الطبيعي للإنسان كنهاية لشخصيته القانونية، فمن المعلوم ان
الوفاة أو الهلاك يضع حدا لحياة الإنسان ووجوده القانوني، فيصبح حينئذ غير صالح
لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات. هذا وإن تعددت الاختبارات الدالة على الوفاة من
انقطاع تدفق السوائل الحيوية؛ غياب روح داخل الجسم، توقف النشاطات الوظيفية
والحيوية وموت الدماغ، وهى كلها ظواهر لا رجعة فيها؛ إلا انه قانونا لا يعتد إلا
بتوقف القلب والرئتين، فيظل الشخص حيا في حالة الغيبوبة حتى وان توقف نشاطه
الدماغي[25].
ويظل
الجسم القادر على التنفس شخصا قانونيا صاحب حقوق والتزامات بغض النظر عن نشاطه
الدماغي. يمكن حسب الاستناد إلى معيار الموت الدماغي لتقرير منح الشخصية القانونية
لجهاز كمبيوتر: "في الواقع، يحدد هذا المعيار مستوى معين من الاستقلالية التي
يعتمد عليها الاعتراف بالشخصية القانونية. تملك أجهزة الكمبيوتر ذات الذكاء
الاصطناعى قدرات تتجاوز بكثير هذا المستوى. إذا اعترف القانون بجسم بشرى قادر على
التنفس ولكن لا يوجد لديه نشاط الدماغي، ورفضه من ناحية أخرى لآلة تظهر سلوك فائق
الذكاء، فإنه بذلك يرجح الهيكل البيولوجي على حساب الوظائف العقلية. وهذه النتيجة
تنطوي على تناقض تام مع المعيار الذي يحدد الحياة
بالنسبة الى الادراك" [26]
الاعتبارات الاجتماعية: العميل الالكتروني حقيقة اجتماعية
يستند
بعض مطالبي الشخصية القانونية للعميل الالكتروني على فكرة الواقع الاجتماعي، أو
بالأحرى القدرة الاجتماعية. فمن الناحية - الاجتماعية تستند الشخصية القانونية
للعميل الالكتروني الى الحرص على اخذ واقعه أو دوره الاجتماعي بعين الاعتبار[27].
ذلك ان
الشخصية القانونية تعكس الواقع الاجتماعي، لهذا يتم اعتبار العديد من الأشخاص
القانونية الاعتبارية أشخاصا حتى خارج نطاق القانون. ولذلك لم يعد مفهوم الشخص في
القانون يتطلب الآدمية بل أصبح القانون يثبت الشخصية القانونية لكيانات تجتمع فيها
مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال أو مجموعة من الأشخاص والأموال معا، متى
كانت تحمل نفس الخصائص الاجتماعية للشخصية الطبيعية، بحيث تكون لديها. هوية خاصة
بها وهدف معين ترمي الى تحقيقه، تسمى هذه الكيانات بالأشخاص المعنوية
وتكون لها شخصية مستقلة عن الأشخاص الذين تتكون منهم أو أولئك الذين يمثلونها،
وتكون لها بالتالي ارادة خاصة بها.
في
القرن التاسع عشر، طور الفقهاء هذه الفكرة من خلال ربطها بالمفهوم البيولوجي
للكائن الحي، وادعو انه يمكن للهيئات الجماعية أن تتطور إلى كيانات اجتماعية ذات
إرادة اجتماعية متميزة. وبالتالي، فإن النظام القانوني عندما يمنحها الشخصية فإنه
في الواقع يعترف بوجودها الاجتماعي المستقل. فيتم اذن التركيز على الواقع
الاجتماعي للشخصية، بدلا من الاستحقاق المعنوي للشخصية، وهذا ما يميز هذه المقاربة
عن النظريات الأخرى[28].
هذا ما
يقربنا من إمكانية اضفاء الشخصية القانونية على العملاء الالكترونيين، طالما ان
النظم القانونية تعترف بالفعل بمجموعة متنوعة من الأشخاص غير الطبيعية كأشخاص
قانونية. فوفقا لنظرية الصنع الذاتي، يعتبر النظام القانوني الأشخاص غير الطبيعية
أشخاصا قانونية لأنه يعترف بأن لديهم قدرة على القيام بأفعال بطريقة خارجة نوعا ما
عن إطار القانون، ويجب أن تعطى هذه الافعال الخارجة عن القانون مفاهيم قانونية
داخل النظام القانوني.
فعلى سبيل المثال، يمكن لدولة ما أن تعلن الحرب
ضد دولة أخرى من الواضح أن لإعلان الحرب هذا أهمية خارج إطار القانون، لكنه قد
يثير أيضا المسألة القانونية الشرعية للإعلان. لذلك، يجب أن يكون إعلان حرب منسوبا
إلى شخص قانوني خارج إطار القانون، ينسب معظم الناس إعلان الحرب الى الدولة نفسها:
ومن هنا، فمن المنطقي أن ينسب النظام القانوني الإعلان للدولة، وهذا يعني أنه يجب
أن يعتبر الدولة كشخص قانوني[29]. بشكل عام، ينظر الى معظم أنواع الأشخاص
القانونية من قبل الأشخاص القانونية الأخرى على أنها عناصر فعالة في سياق خارج عن
إطار القانون.
فعلى
سبيل المثال، بمجرد ان تبلغ مجموعة من الأشخاص الطبيعية مستوى معينا من التنظيم،
فإننا نميل إلى اعتبارها كوحدة اجتماعية ونتواصل معها على هذا النحو. بل يمكن حتى
لأعضائها ان يعتبروا هذه المنظمة ككيان مستقل، ويمكن للمنظمة الحصول على مستوى من
الاستقلالية بحيث يمكننا القول أن المنظمة لديها صورة عن نفسها متميزة عن أعضائها.
فإذا قامت هذه المنظمة بأفعال يسعى النظام القانوني الى منحها مفهوما قانونيا،
سيضطر هذا النظام الى بناء مفهوم قانوني يتوافق مع ذلك المنسوب للأشخاص القانونية
الأخرى.
نأخذ
"الشركة" كمثال عن مجموعة الأفراد، اذ أن معظم النظم القانونية وجدت في
نهاية المطاف أنه من المنطقي أن تنسب التصرفات القانونية للشركة بدلا من
الأشخاص الطبيعية المسيرين لها من الناحية الاجتماعية، تعتبر الشركة بالنسبة
للأشخاص الخارجين عنها ككيان يتعاملون معه، وتعتبر كذلك بالنسبة لأعضائها؛ بل
والشركة نفسها لديها صورة ذاتية قوية الى درجة يمكن معها القول أنها تعتبر نفسها
كيانا.
وبالتالي،
يعتبر النظام القانوني الشركة كذلك شخصا قانونيا ملزما بعقد قانوني. هذه مسألة
سياسة قانونية: تنتج المنظمات أعمالا يجب أن تعطى مفهوما قانونيا، وأصبح اعتبار
العمل صادرا عن المنظمة ابسط من اعتباره صادرا عن أعضائها.
وفي هذا
الشأن يقول Teubner: كقاعدة عامة، يقتضي منطق السياسة القانونية
منح الأهلية القانونية للنظم الاجتماعية التي لديها القدرة الاجتماعية على العمل
الجماعي. وفي ذلك يتعرض النظام القانوني لضغوط هائلة لاستكمال تجسيد الصفة
الاجتماعية بتجسيد الصفة القانونية.
من
الواضح أن تشكيلة أجهزة الكمبيوتر مختلفة عن تشكيلة المنظمات، فالمنظمات عبارة عن
نظم اجتماعية في حين أن أجهزة الكمبيوتر نظم معلوماتية.
ولكن
هناك تشابه مفتاحي بينهما: المراد بالنسبة للمنظمات هو فصل هوية المنظمة عن
الاعمال الصادرة عن أعضائها. وبعبارة أخرى، فإن القدرة الاجتماعية للعمل الجماعي
هي الأساس.
بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر، فالمراد أيضا هو فصل
هوية الكمبيوتر عن أعمال البشر الذين يتحكمون فيه. طبعا، لا يتعلق الامر هنا
بالقدرة الاجتماعية للعمل الجماعي، وإنما القدرة الاجتماعية للعمل المستقل،
ومن هنا، ترجم Allen وWiddison
موقف Teubner كالاتي: يقتضي منطق السياسة القانونية منح
الأهلية القانونية لنظم المعلومات التي لديها بالفعل القدرة الاجتماعية على العمل
المستقل"[30].
منذ زمن
Turing على الأقل، ادعى العديد من الفلاسفة وعلماء
النفس المعرفيين وعلم الحاسوب انه يجب التساؤل لا عما إذا كانت الأجهزة
الالكترونية تبدي وعيا أو إدراكا ، وإنما عما إذا كانت قادرة على التفاعل مع إنسان
لإقناعه بأن لديها الوعي او الادراك، فلا يتم التركيز هنا على المظاهر الخارجية في
حد ذاتها، وإنما على تجلي السلوك الاجتماعي لكن لتطبيق منهج [31]Turing على مسألة اضفاء الشخصية القانونية على العملاء الالكترونيين، يجب
ان نتساءل كيف ينبغي لنا أن نحدد ما إذا كانت لهؤلاء القدرة على العمل الاجتماعي
الذي من شأنه أن يضغط على النظام القانوني لاعتبارها أشخاصا قانونية. وينبغي أن
يتوقف ذلك على نوع العمل الاجتماعي (والقانوني) محل الاعتبار، وبصفة خاصة، ينبغي
أن نتساءل عما إذا كان العميل الالكتروني يظهر سلوكا يمكن ربطه بتكوين عقد. وبهذا
نتجنب مشكلة تحديد ما إذا كان العميل يفهم الموضوع الذي يدور حوله العقد، على
الأقل على طريقة فهم الأشخاص الطبيعية.
حسب
أنصار هذه المقاربة، تنشأ القدرة الاجتماعية للعمل المستقل للعميل الالكتروني
عندما يبدأ الاشخاص الذين يتفاعلون معه في اعتباره، بدلا من الانسان الذي يتحكم
فيه، كمصدر للقبول أو الايجاب (أي الاتصالات). هذا التحليل يفصل آلة البيع الذاتية
(distributeur automatique) عن العميل الالكتروني المستقل، فلا نقول إن
آلة البيع تبيع لنا أشياء ونحن نعلم أن السعر ووسائل الدفع والتسليم، وكذا كمية
ونوعية السلع تكون في الواقع محددة من قبل آخرين، لكننا الآن نميل إلى القول بأن
برامج الشطرنج الأكثر تطورا تلعب الشطرنج بمفردها ؛ فعندما نلعب الشطرنج مع
الحاسوب، فإننا ننسب كل التصرفات الصادرة أثناء اللعب إلى برنامج الحاسوب الخاص
بلعبة الشطرنج، ولا ننسبها إلى الشخص الطبيعي الذي قام بإنشاء هذا البرنامج، وهذا
انما يدل على نظرة الأشخاص الطبيعيين إلى برنامج الحاسوب الخاص بلعبة الشطرنج باعتباره
وحدة اجتماعية مستقلة : ويمكننا القول أيضا أن العملاء الالكترونيون يبرمون عقودا
من تلقاء انفسهم. في هذا المفهوم العملي الخارج عن الإطار القانوني، فإننا ننسب
الاعمال إلى العميل الالكتروني ذاته، فمن المنطقي اذن أن نفكر في إضفاء الشخصية
القانونية عليه.
وبعبارة
اخرى، فإن نظرة الأشخاص إلى الوكيل الذكي على أنه وحدة اجتماعية مستقلة من شأنها
الضغط على النظام القانوني لمنح هذا البرنامج الشخصية القانونية.
ما
يهمنا في الوضع التجاري، هو المظهر المادي الذي يتجلى من الكمبيوتر. وبالتالي، يجب
أن نركز اهتمامنا على تحديد ما إذا كان من الممكن مقاربة السلوك الذي يبديه
الكمبيوتر من السلوك المتبع من طرف الشخص الذي يدرك أن أفعاله قد تؤدي إلى تكوين
عقد لعل أفضل دليل على فهم هذا السياق عند الأشخاص الطبيعيين هو وضع استراتيجية
التفاوض، اذ مما يشير - على سبيل المثال - الى إدراك الشخص أن
اتصالاته قد تؤدي إلى تكوين عقد هو شروعه في التفاوض.
فهذا ما
يجب اشتراطه اذن من العملاء الالكترونيين قبل التعامل معهم مثلما نفعل مع العملاء
البشر. وكما رأينا في الباب الأول فقد أصبح هذا جد معقول في الوقت الحاضر، لا سيما
بعد أن تمكنت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من ادراج تقنيات استراتيجية التفاوض إلى
عملاء التداول، استراتيجية يمكن ربطها بتلك المتبعة من الأشخاص الطبيعية وبالتالي
يمكن الوصول الى النتيجة أن لديهم القدرة الاجتماعية الصنع الاتفاقات، وهذا من
شأنه في نهاية المطاف الضغط على النظام القانوني للاعتداد بالعميل الالكتروني كشخص
قانوني[32].
[1] صالح هنادي
محمود توفيق، "تكييف القانوني للوكيل الذكي في التجارة الإلكترونية: دراسة
مقارنة "، مجلة الميزان للدراسات الإسلامية والقانونية ، جامعة العلوم
الإسلامية العالمية - عمادة البحث العلمي، المجلد/العدد: مج 9ع3 ، ص 491
[2] عبان
عميروش، "الوسيط الإلكتروني المؤتمت كآلية للتعبير عن الإرادة"، المجلة
الشاملة للحقوق، تاريخ النشر 01/03/2021 ، ص 94
[3] حزام
فتيحة، "التعاقد عن طريق الوسيط المؤتمت: خروج عن أحكام نظرية العقد"،
الجزء الأول، العدد 14، سنة 2021، ص 104
[4] شريف غنام، المرجع السابق، ص
719
[5] جلول دواجي بلحول،
"الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة الالكترونية"، أطروحة
لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق والعلوم الإنسانية، سنة 2015، ص 331
[6] إبراهيم جواد كاظم آل
يوسف، "دور تكنولوجيا الواقع الافتراضي في تحقيق الطبيعة الوجودية للذات داخل
الفضاء الافتراضي"، م س، ص 517
[7] صالح هنادي محمود توفيق، "تكييف القانوني للوكيل
الذكي في التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة "، مرجع سابق ص 492
[8] صالح هنادي محمود توفيق، "تكييف القانوني للوكيل
الذكي في التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة "، مرجع سابق ص 497
[9] ـ
المادة 206 من مدونة الأسرة.
[10] ـ
213 من مدونة الأسرة.
[11]صالح
هنادي محمود توفيق " التكييف القانوني للوكيل الذكي في
التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة" ، ص 499.
[12]محمد حسين منصور، "المسئولية الإلكترونية"، م
س،
ص243.
[13] ـ
نبيلة
كردي " الوكيل الذكي من منظور قانوني: تطور تقني محض أم انقلاب على القواعد
القانونية؟"، مرجع سابق ص 33.
[14] إبراهيم جواد كاظم آل
يوسف، "دور تكنولوجيا الواقع الافتراضي في تحقيق الطبيعة الوجودية للذات داخل
الفضاء الافتراضي"، م س، ص 519
[15] شريف
غنام، المرجع السابق، ص714ـ715
[16] إبراهيم جواد كاظم آل
يوسف، "دور تكنولوجيا الواقع الافتراضي في تحقيق الطبيعة الوجودية للذات داخل
الفضاء الافتراضي"، م س، ص523
[17] صالح،
هنادي محمود توفيق، "التكييف القانوني للوكيل الذكي في التجارة
الإلكترونية: دراسة
مقارنة"، المصد: مجلة الميزان للدراسات الإسلامية
والقانونية
الناشر: جامعة العلوم الإسلامية العالمية - عمادة
البحث العلمي
، ص 498.
[18] نبيلة كردي " الوكيل الذكي من
منظور قانوني: تطور تقني محض أم انقلاب على القواعد القانونية؟"، مرجع سابق ص
36.
[19] الفصل 19 الفقرة الأولى منه، قانون الالتزامات
والعقود المغربي.
[20] صالح،
هنادي محمود توفيق، "التكييف القانوني للوكيل الذكي في التجارة
الإلكترونية: دراسة
مقارنة"، المصد: مجلة الميزان للدراسات الإسلامية
والقانونية
الناشر: جامعة العلوم الإسلامية العالمية - عمادة
البحث العلمي، ص 499.
[21] الشخصية القانونية للذكاء
الاصطناعي، ولاية كارولينا الشمالية مراجعة القانون، المجلد 70، العدد 1231، 1992، متاح على
: http://home.law.uiuc.edu/~lsolum/Westlaw/legalpersonhood.htm
[22]
Walid mohammed almajid, can electronic agents be granted legal
personality under islamic law ? op . ci. P 5.
[23] يعرف John Haugeland ، أحد أصحاب هذا المنهج، الذكاء الاصطناعي على أنه ذلك "
الجهد الجديد والمثير لجعل أجهزة الكمبيوتر تفكر .... أجهزة ذات عقول، بالمعنى
الكامل والحرفية. John
Haugeland, Artificial Intelligence: the Very Idea, The MIT Press, Cambridge,
Massachusetts, 1985, p2
[24] هو حاسوب فائق متخصص في لعبة الشطرنج من خلال
إضافة دوائر محددة تم تطوريها في بداية التسعينات من القرن الماضي، من إنتاج شركة
اي بي ام IBM يستخدم تقنية المعالجة التفرعية الشاملة لحل المشاكل. يستخدم هذا
الحاسوب 256 معالجا، بارز بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف ثلاث مرات انهزم في
الأولى 1989 وفي الثانية سنة 1996 بنتيجة (2-4) ثم فاز في مباراة الانتقام من ستة
أدوار في 11 مايو 1997 بنتيجة (3,5 -2,5) اتهم كاسباروف IBM بالغش
وطالب بمباراة انتقام، ولكن شركة IBM رفضت وقامت بتفكيك ديب بلو.
يعني اسم «ديب بلو» (حرفيا - «الأزرق الداكن» أو
اصطلاحا، «الحزن العميق»)
[25] اسحاق
ابراهيم منصور، نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية، ديوان
المطبوعات الجزائرية، 2001، ص 219.
[26] Searle كاتب معروف جدا في فلسفة العقل وعلم الادراك، حاول في نظرياته
إثبات أن الفكر البشري ليس مجرد حساب وأن العملية الحسابية في حد ذاتها لا تمتلك
القدرة على فهم الأحداث والعمليات الفكرية Ident اشتهر Searle من
خلال تطوريه لتجربة فكرية تسمى "جدلية الغرفة الصينية Chinese Room Argument 1980، التي تعد أشهر معارضة لاختبار Turing مفادها أن قدرة الحاسوب على التحدث مع الحكم بشكل متكامل (بصورة
تامة) لا يعني أنه يفهم ما يقوله. بل إنه وببساطة، يعرف كيف ينتج مجموعات من
الكلمات تبدو لنا جملا عادية، ولقد بين ان هناك فرق هائل بين الفهم الواعي الحقيقي
وبين الاستجابات الناتجة عن الخوارزميات الحاسوبية بحيث تعطي استجابة معينة لكل
معطى محدد، فهذا الاخير يمكن عمله بدون أي وعي كالرجل الذي يعطي الأجوبة الصحيحة
على الاسئلة الصينية رغم انه لا يعرف أي شيئ في الصينية ولم يفهم السؤال ولا الجواب.
[27] فرانسيسكو أندرادي، "التعاقد الذكي: وكلاء
البرمجيات والهيئات المؤسسية والمنظمات الافتراضية"، إنشاء مؤسسة الشبكات
التعاونية IFIP، 10-12 سبتمبر 2007، غيماريش، البرتغال، المجلد. 243، سنة 2007، ص 219
[28] نريمان مسعود بورغدة "التجارة الإلكترونية في عصر الذكاء
الاصطناعي: بواسطة العملاء الإلكترونيين الأذكياء"، ، دار النشر هومة للطباعة
والنشر والتوزيع الجزائر ، يناير 2019، ص 183.
[29] ـ
التجارة الإلكترونية في عصر الذكاء الاصطناعي: بواسطة العملاء الإلكترونيين
الأذكياء، مرجع سابق ، ص 185.
[30] كقاعدة عامة، من المنطقي
في السياسة القانونية منح الأهلية القانونية للأنظمة الاجتماعية التي لديها بالفعل
القدرة الاجتماعية على العمل الجماعي. "في هذه المرحلة، "يتعرض النظام
القانوني لضغوط هائلة لإكمال التجسيد الاجتماعي من خلال التجسيد القانوني"،
تيوبنر غونتر، القانون باعتباره نظامًا ذاتيًا، أكسفورد / كامبريدج، دار نشر
بلاكويل، سلسلة معهد الجامعة الأوروبية، 1993، سيتي. في توم ألين وروبن
ويديسون، مرجع سابق، ص 39
[31] ـ يسمى المنهج الذي يهدف إلى تطوير أنظمة تتصرف مثل
البشر عادة بـ "منهج اختبار تيورينغ إلى مقترحه Alan Turing ، وقد عرف فيه نسبة )The Turing Test Approach( التصرف الذكي على أنه القدرة على
تحقيق الأداء العالي للبشر في جميع المهام الإدراكية. فیری Kevin Knight و Elaine Rich مثلا ان "الذكاء الاصطناعي
هو ذلك العلم الذي يبحث في كيفية جعل الحاسب يؤدي الاعمال التي يؤديها البشر
بطريقة افضل منهم. Kevin
Knight & Elaine Rich, Artificial Intelligence, The McGraw Hi Companies, 3ed, 2009, p3.
[32] توم ألين وروبن ويديسون، "هل
يمكن لأجهزة الكمبيوتر إبرام العقود؟"، مجلة هارفارد للقانون والتكنولوجيا،
المجلد 9، العدد 1، الصفحات 25-52 (1996)، ص 40
من أجل تحميل هذا المقال كاملا - إضغط هنا أو أسفله